[ قُلن حاشَ للهِ ما علمنا عليه من سوء ] أي معاذ الله أن يكون يوسف أراد السوء، وهو تنزية له وتعجب من نزاهته وعفته
[ قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق ] أي ظهر وإنكشف الحق وبان بعد خفائه
[ أنا راودته عن نفسه وإِنه لمن الصادقين ] أي أنا التي أغريتُه ودعوتُه إلى نفسي، وهو برئ من الخيانة وصادق في قوله [ هي راودتني عن نفسي ] وهذا إعتراف صريح ببراءة يوسف على رءوس الأشهاد
[ ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ] الأظهر أن هذا من كلام يوسف قاله لما وصله براءة النسوة له، والمعنى : ذلك الأمر الذي فعلته من رد الرسول حتى تظهر براءتي ليعلم العزيز أني لم أخنه في زوجته في غيبته بل تعففت عنها
[ وإن اللهَ لا يهدي كيدَ الخائنين ] أي لا يوفق الخائن ولا يسدد خطاه
[ وما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ] أي لا أزكي نفسي ولا أنزهها، فإن النفس البشرية ميالة إلى الشهوات، قاله يوسف على وجه التواضع، قال الزمخشري : أراد أن يتواضع لله ويهضم نفسه، لئلا يكون لها مزكيا، وبحالها معجبا ومفتخراَ
[ إلا ما رحم ربي ] أي إلا من رحمه الله بالعصمة
[ إن ربي غفور رحيم ] أي عظيم المغفرة واسع الرحمة
[ وقال الملك إئتوني به أستخلصهُ لنفسي ] أي ائتوني بيوسف اجعله من خاصتي وخلصائي، قال ذلك لما تحقق براءته، وعرف عفته وشهامته وعلمه
[ فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ] أي فلما أتوا به وكلمه يوسف وشاهد الملك فضله، ووفور عقله، وحُسن كلامه قال : إنك اليوم قريب المنزلة رفيع الرتبة، مؤتمن على كل شيء
[ قال اجعلني على خزائن الأرض ] أي قال يوسف للملك : اجعلني على خزائن أرضك
[ إني حفيظ عليم ] أي أمينْ على ما استودعتني، عليم بوجوه التصرف، وإنما طلب منه الولاية رغبة في العدل، وإقامة الحق والإِحسان، وليس هو من باب التزكية للنفس، وإنما هو للإِشعار بحنكته ودرايته لاستلام وزارة المالية
[ وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ] أي وهكذا مكنا ليوسف في أرض مصر، وجعلنا له العز والسلطان، بعد الحبس والضيق
[ يتبوأ منها حيث يشاء ] أي يتخذ منها منزلاً حيث يشاء ويتصرف في المملكة كما يريد
[ نصيب برحمتنا من نشاء ] أي نخص بإنعامنا وفضلنا من نشاء من عبادنا
[ ولا نضيع أجر المحسنين ] أي لا نضيع أجر من أحسن عمله وأطاع ربه، بل نضاعفه له
[ ولأجر الأخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون ] أي أجر الاخرة وثوابها خير للمؤمنين المتقين من أجر الدنيا، وفيه إشارة إلى أن المطلب الأعلى هو ثواب الآخرة، وأن ما يُدخر لهؤلاء المحسنين، أعظم وأجل من هذا النعيم العاجل في الدنيا
[ وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ] أي دخلوا على يوسف فعرف أنهم إخوته، ولكنهم لم يعرفوه لهيبة الملك، وبُعد العهد، وتغير الملامح، قال ابن عباس : كان بين إلقائه في الجب وبين دخولهم عليه (اثنتان وعشرون ) سنة، فلذا أنكروه، وكان سبب مجيئهم، أنهم أصابتهم مجاعة في بلادهم، بسبب القحط الذي عم البلاد، فخرجوا إلى مصر ليشتروا من الطعام الذي إدخره يوسف، فلما دخلوا على يوسف قال كالمنكر عليهم : ما أقدمكم بلادي ؟ قالوا : جئنا للميرة، قال : لعلكم عيون " جواسيس " علينا ؟ قالوا : معاذ الله، قال : فمن أين أنتم ؟ قالوا : من بلاد (كنعان ) وأبونا يعقوب نبي الله، قال : وله أولاد غيركم ؟ قالوا : نعم كنا اثني عشر فذهب أصغرنا وهلك في البرية - وكان أحبنا إليه - وبقي شقيقه فاحتبسه ليتسلى به عنه وجئنا نحن العشرة، فأمر بإنزالهم وإكرامهم
[ ولما جهزهم بجهازهم ] أي هيأ لهم الطعام والميرة وأعطاهم ما يحتاجون اليه في سفرهم
[ قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ] أي ائتوني بأخيكم بنيامين لأصدقكم