[ وقال يا بني لا تَدخلوا من بابٍ واحدٍ وأدخلوا من أبواب متفرقة ] أي لا تدخلوا مصر من باب واحد، قال المفسرون : خاف عليهم من العين إن دخلوا مجتمعين إذ كانوا أهل جمال وهيبة، والعينُ حق تُدخل الرجلَ القبرَ، والجملَ القِدر كما جاء في الحديث الشريف
[ وما أُغني عنكم من الله من شيء ] أي لا أدفع عنكم بتدبيري شيئاً مما قضاه الله عليكم، فإن الحذر لا يدفع القدر
[ إن الحكم إلا لله ] أي ما الحكم إلا لله جل وعلا وحده لا يشاركه أحد، ولا يمانعه شيء
[ عليه توكلت ] أي عليه وحده اعتمدت وبه وثقت
[ وعليه فليتوكل المتوكلون ] أي وعليه فليعتمد أهل التوكل والإيمان، وليفوضوا أمورهم إليه
[ ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ] أي دخلوا من الأبواب المتفرقة كما أوصاهم أبوهم
[ ما كان يغني عنهم من الله من شيء ] أي ما كان دخولهم متفرقين، ليدفع عنهم من قضاء الله شيئاً
[ الا حاجة في نفس يعقوب قضاها ] أي إلا خشية العين شفقة منه على بنيه
[ وإنه لذو علم لما علمناه ] أي وِإن يعقوب لذو علم واسع لتعليمنا إياه بطريق الوحي، وهذا ثناء من الله تعالى عظيم على يعقوب، لأنه علم بنور النبوة أن القدر لا يدفعه الحذر
[ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ] أي لا يعلمون ما خص الله به أنبياءه وأصفياءه من العلوم التي تنفعهم في الدارين.
البلاغة :
١ - [ إني أرى سبع بقرات ] صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية.
٢ - [ سمان... وعجاف ] بينهما طباق وكذلك بين [ خضر.. ويابسات ] طباق أيضاً، وهو من المحسنات البديعية.
٣ - [ أضغاث أحلام ] هذا من أبلغ أنواع الاستعارة وألطفها فإن الأضغاث هو المختلط من الحشيش المضموم بعضه إلى بعض، فشبه اختلاط الأحلام وما فيها من المحبوب والمكروه، والخير والشر باختلاط الحشيش المجموع من أصناف كثيرة بطريق الاستعارة.
٤ - [ يوسف أيها الصديق ] هذا من براعة الاستهلال فقد قدم الثناء قبل السؤال طمعاً في إجابة مطلبه.
٥ - [ يأكلن ما قدمتم لهن ] فيه (مجاز عقلي ) لأن السنين لا تأكل وإنما يأكل الناس ما ادخروه فيها، فهو من باب الإسناد إلى الزمان كقول الفصحاء : نهارُ الزاهدِ صائم وليلُه قائم.
٦ - [ لأمارة بالسوء ] لم يقل (آمرة) مبالغة في وصف النفس بكثرة الدفع في المهاوي، والقود إلى المغاوي لأن " فعال " من أبنية المبالغة.
٧ - [ فعرفهم وهم له منكرون ] بين (عرف ) و(أنكر) طباق..
٨ - [ لا تدخلوا من باب واحد وأدخلوا من أبواب متفرقة ] فيه إطناب وهو زيادة اللفظ على المعنى، وفائدتُه تمكين المعنى من النفس، وفيه أيضا من المحسنات البديعية ما يسمى " طباق السلب ".
فائدة :
أثنى رسول الله (ص) على يوسف الصديق في كرمه وصبره وحلمه فقال :(لو لبثتُ في السجن ما لبثَ يوسفُ لأجبتُ الداعي ) وكفى بهذا برهانا على عفة يوسف ونزاهته عليه السلام.
لطيفة :
ذكر بعض العلماء أن يوسف عليه السلام ما زال النساء يملن إليه ميل شهوة حتى نبأه الله، فألقى عليه هيبة النبوة فشغلت هيبتُه كل من رآه عن حسنه.
قال الله تعالى :[ ولما دخلوا على يوسف.. ] إلى قوله [ وأتوني بأهلكم أجمعين ] من آية (٦٩) إلى نهاية آية ( ٩٣ ).
المناسبة :
تتحدث الآيات عن مجيء إخوة يوسف للمرة الثانية إلى مصر ومعهم " بنيامين " الأخ الشقيق ليوسف، وما كان من شأنه حين ظهر الصواع في رحله، فاحتجزه يوسف عنده بحكم شريعة (يعقوب )، ثم ما كان من تمام المحنة على يعقوب عليه السلام بفقد ولديه حتي ذهب الحزن ببصره.
اللغة :
[ تبتئس ] تحزن
[ العير ] الإبل التي عليها الأحمال ثم كثر الاستعمال حتى قيل لكل قافلة عير
[ صُواع ] الصُواع : الصاع الذي يكال به يُذكر ويؤنث وهو السقاية
[ زعيم ] كفيل
[ سولت ] زينت وسهلت


الصفحة التالية
Icon