[ والذى أنزل إليك من ربك الحق ] اي والذي اوحي إليك يا محمد في هذا القرآن، هو الحق الذي لا يلتبس بالباطل، ولا يحتمل الشك والتردد
[ ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ] اي ومع وضوحه وجلائه كذب به اكثر الناس
[ الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ] اي خلقها مرتفعة البناء، قائمة بقدرته لا تستند على شيء، حال كونكم تشاهدونها وتنظرونها بغير دعائم، وذلك دليل وجود الخالق المبدع الحكيم
[ ثم استوى على العرش ] اي علا فوق العرش علوا يليق بجلاله، من غير تكييف، ولا تشبيه، ولا تعطيل
[ وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ] أي ذلل الشمس والقمر لمصالح العباد، كل يسير بقدرته تعالى إلى زمن معين هو زمن فناء الدنيا
[ يدبر الأمر ] أي يصرف بحكمته وقدرته امور الخلق، وشؤون الملك والملكوت، من إيجاد واعدام، واحياء واماتة، وغير ذلك
[ يفصل الآيات ] أي يبينها ويوضحها
[ لعلكم بلقاء ربكم توقنون ] اي لتصدقوا بلقاء الله، وتوقنوا بالمعاد إليه، لأن من قدر على ذلك كله، فهو قادر على إحياء الإنسان بعد موته
[ وهو الذي مد الأرض ] اي هو تعالى بقدرته بسط الأرض وجعلها ممدودة فسيحة، وهذا لا ينافي كرويتها فان ذلك امر مقطوع به، والغرض انه تعالى جعلها واسعة فسيحة ممتدة الآفاق، ليستقر عليها، الإنسان والحيوان، ولو كانت كلها جبالا ووديانا لما امكن العيش عليها، قال في التسهيل : ولا يتنافى لفظ البسط والمد مع التكوير، لأن كل قطعة من الأرض ممدودة على حدتها، وانما التكوير لجملة الأرض
[ وجعل فيها رواسي ] اي وخلق في الأرض جبالا ثوابت رواسخ لئلا تضطرب بأهلها كقوله :[ أن تميد بكم ]
[ وأنهارا ] أي وجعل فيها الأنهار الجاريات
[ ومن كل الثمرات جعل فيه زوجين اثنين ] اي جعل فيها من جميع انواع الثمرات، زوجين اثنين (ذكرا وانثى) ليتم بينهما اسباب الإخصاب والتكاثر، طبق سنته الحكيمة (( قال في الظلال : هذه حقيقة لم يعرفها البشر من طريق علمهم وبحثهم إلا قريبا وهي أن كل الأحياء تتألف من (ذكر وانثى) حتى النباتات التي كان مظنونا أن ليس لها من جنسها ذكور، تبين أنها تحمل فى ذاتها الزوج الآخر، فتضم أعضاء التذكير وأعضاء التأنيث مجتمعة في زهرة أو متفرقة في العود)) وقال أبو السعود : اي جعل من كل نوع من انواع الثمرات الموجودة في الدنيا ضربين وصنفين، إما في اللون كالأبيض والأسود، أو في الطعم كالحلو والحامض، او في القَدر كالصغير والكبير، او في الكيفية كالحار والبارد، وما أشبه ذلك
[ يغشي الليل النهار ] أي يلبسه اياه فيصير الجو مظلمأ بعد ما كان مضيئا
[ إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ] أي إن في عجائب صنع الله لدلالات وعلامات باهرة على قدرته ووحدانيته لمن تأمل وتفكر، وخص " المتفكرون " بالذَكر لأن ما احتوت عليه هذه الآيات من الصنيع العجيب، لا يدرك إلا بالتفكر
[ وفي الأرض قطع متجاورات ] أي في الأرض بقاع مختلفة متلاصقات قريب بعضها من بعض، قال ابن عباس : ارض طيبة، وارض سبحة، تنبت هذه، وهذه إلى جنبها لا تنبت
[ وجنات من أعناب ] أي بساتين كثيرة من أشجار العنب
[ وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان ] أي وفي هذه القطع المتجاورة أنواع الزروع والحبوب والنخيل والرطب، منها ما ينبت منه من أصل واحد شجرتان فأكثر، ومنها ما ينبت منه شجرة واحدة
[ يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل ] أي الكل يسقى بماء واحد، والتربة واحدة، ولكن الثمار مختلفات الطعوم، قال الطبري : الأرض الواحدة يكون فيها (الخوخ، والكمثرى، والعنب الأبيض وا لأسود)، بعضها حلو، وبعضها حامض، وبعضها أفضل من بعض، مع اجتماع جميعها على شرب واحد


الصفحة التالية
Icon