[ إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ] أي علامات باهرة ظاهرة، لمن عقل وتدبر، وفي ذلك رد على القائلين بالطبيعة
[ وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد ] أي إن تعجب يا محمد من شيء، فليس هناك ما هو أعجب من قول الكفار : أئذا متنا وأصبحنا رفاتا هل سنبعث من جديد ؟ فإن إنكارهم للبعث حقيق أن يتعجب منه، فإن الذي قَدر على انشاء ما ذكرنا من السموات والأرض، والأشجار والثمار، والبحار والأنهار، قادر على إعادتهم بعد موتهم
[ أولئك الذين كفروا بربهم ] أي هؤلاء الذين أنكروا البعث، هم الجاحدون لقدرة الله
[ وأولئك الأغلال في أعناقهم ] اي يغلون بالسلاسل في أعناقهم يوم القيامة
[ وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ] أي وهم في جهنم مخلدون فيها أبدا، لا يموتون فيها ولا يخرجون منها
[ ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة ] أي يستعجلك المشركون يا ايها الرسول بالبلاء والعقوبة، قبل طلب الرخاء والعافية، استعجلوا ما هددوا به من عذاب الدنيا استهزاء
[ وقد خلت من قبلهم المثلات ] أي وقد مضت عقوبات أمثالهم من المكذبين، فما لهم لا يعتبرون ولا يتعظون ؟
[ وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ] أي وان ربك لذو صفح عظيم للناس، لا يعجل لهم العقوبة وإن كانوا ظالمين بل يمهلهم بتأخيرها
[ وإن ربك لشديد العقاب ] اي شديد العقاب لمن أصر على المعاصي، ولم يتب من ذنوب ! ! قرن تعالى بين سعة حلمه، وشدة عقابه، ليبقى العبد بين الرغبة والرهبة، والرجاء والخوف
[ ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه ] أي ويقول المشركون من كفار قريش : هلا أنزل على محمد، معجزة تدل على صدقه ؟ مثل معجزات موسى وعيسى! ! قال في البحر : لم يعتدوا بالآيات الخارقة المنزلة كانشقاق القمر، وانقياد الشجر، ونبع الماء من بين الأصابع، وامثال هذه المعجزات، فاقترحوا عنادا آيات أخرى
[ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ] هذا جواب لما اقترحوا، أي لستَ أنت يا أيها الرسول إلا منذر، اي محذر ومبصر، شأنك شأن كل رسول قبلك، فلكل قوم نبى يدعوهم إلى الله، وأما الآيات الخارقة، فأمرها إلى مدبر الكون والعباد
[ آلله يعلم ما تحمل كل أنثى ] أي الله وحده الذي يعلم ما تحمله كل أنثى في بطنها، هل هو ذكر أم أنثى ؟ تام أم ناقص ؟ حسن لو قبيح
[ وما تغيض الأرحام ] أي وما تنقصه الأرحام بإلقاء الجنين قبل تمامه
[ وما تزداد ] اي وما تزداد على الأشهر التسعة، قال ابن عباس : ما تغيض بالوضع لأقل من تسعة أشهر، وما تزداد بالوضع لأكثر من تسعة أشهر، وقيل : المراد بالغيض : السقط الناقص، وبالازدياد : الولد التام
[ وكل شيء عنده بمقدار ] أي كل شيء من الأشياء عند الله تعالى بقدر محدود، لا يتجاوزه حسب المصلحة والمنفعة
[ عالم الغيب والشهادة ] أي ما غاب عن الحس وما كان مشاهدا منظورا، فعلمه تعالى شامل للخفى والمرئي، لا يخفى عليه شيء
[ الكبير المتعال ] أي العظيم الشأن الذي كل شيء دونه، المستعلي على كل شيء بقدرته، المنزه عن المشابهة والمماثلة
[ سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ] أي يستوي في علمه تعالى ما أضمرته القلوب، وما نطقت به الألسنة
[ ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ] أي ويستوي عنده كذلك من هو مستتر بأعماله في ظلمات الليل، وهو في غاية الاختفاء، ومن هو ذاهب في طريقه بوضح النهار مستعلن، لا يستخفي فيما يعمل وهو في غاية الظهور
[ له معقبات ] اي لهذا الإنسان ملائكة موكلة به، تتعاقب في حفظه، يأتي بعضهم بعَقب بعض كالحرس في الدوائر الحكومية
[ من بين يديه ومن خلفه ] أي من أمام الإنسان ومن ورائه