[ يحفظونه من أمر الله ] أي يحفظونه من الأخطار والمضار بأمره تعالى، قال مجاهد : ما من عبد إلا وملك موكل به، يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام
[ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ] اي لا يزيل نعمته عن قوم ولا يسلبهم إياها، إلا إذا بدلوا احوالهم الجميلة بأحوال قبيحة، وهذه من سنن الله الاجتماعية، أنه تعالى لا يبدل ما بقوم من عافية ونعمة، وأمن وعزة، الا إذا كفروا تلك النعم، وارتكبوا المعاصي، وفي الأثر " أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك : إنه ليس من أهل قرية، ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله، فيتحولون منها إلى معصية الله، إلا حول الله عنهم ما يحبون الى ما يكرهون "
[ وإذا أراد الله بقوم سوءا ] أي واذا اراد تعالى هلاك قوم أو عذابهم
[ فلا مرد له ] أي لا يقدر على رد ذلك أحد
[ وما لهم من دونه من وال ] أي ليس لهم من دون الله ولى، يدفع عنهم العذاب والبلاء
[ هو الذي يريكم البرق ] هذا بيان لآثار قدرته تعالى المنبثة في الكون، اي يريكم أيها الناس البرق الخاطف من خلال السحاب
[ خوفا وطمعا ] قال ابن عباس : خوفا من الصواعق، وطمعا في الغيث، فإن البرق غالبا ما يعقبه صواعق مدمرة، وقد يكون وراءه المطر المدرار، الذي به حياة البلاد والعباد
[ وينشىء السحاب الثقال ] أي وبقدرته كذلك يخلق السحب الكثيفة المحملة بالماء الكثير
[ ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ] أي يسبح الرعد له تسبيحا مقترنا بحمده والثناء عليه، وتسبح له الملائكة خوفا من عذابه، وتسبيح الرعد حقيقة دل عليها القرآن، فنؤمن بها وان لم نفهم تلك الأصوات، فهو تعالى لا يخبر إلا بما هو حق كما قال :[ وإن من شىء إلا يسبح بحمده ]
[ ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ] أي يرسل الصواعق المدمرة نقمة، يهلك بها من شاء
[ وهم يجادلون في الله ] أي وكفار مكة يجادلون في وجود الله ووحدانيته، وفي قدرته على البعث
[ وهو شديد المحال ] أي وهو تعالى شديد القوة والبطش والنكال، القادر على الانتقام ممن عصاه
[ له دعوة الحق ] أي لله تعالى تتجه الدعوة الحق، فهو الحقيق بأن يعبد وحده بالدعاء والالتجاء
[ والذين يدعون من دونه أي والآلهة الذين يدعوهم الكفار من دون الله
[ لا يستجيبون لهم بشيء ] أي لا يستجيبون لهم دعاء ولا يسمعون لهم نداء
[ إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه ] أي إلا كمن يبسط كفيه للماء من بعيد، يدعوه ويناديه ليصل الماء إلى فمه، والماء جماد لا يحس ولا يسمع، قال أبو السعود : شبه حال المشركين في عدم حصولهم عند دعاء آلهتهم على شيء أصلا، بحال عطشان هائم لا يدري ما يفعل، قد بسط كفيه من بعيد إلى الماء، يبغي وصوله إلى فمه، وليس الماء ببالغ فمه ابدا، لكونه جمادا لا يشعر بعطشه
[ وما دعاء الكافرين الا في ضلال ] أي ما دعاؤهم والتجاؤهم لآلهتهم، إلا في ضياع وخسار لأنه لا يجدي ولا يفيد
[ ولله يسجد من في السموات والأرض ] أي ولله وحده يخضع وينقاد أهل السموات وأهل الأرض
[ طوعا وكرها ] اي طائعين وكارهين، قال الحسن : المؤمن يسجد طوعا، والكافر يسجد كرها اي في حالة الفزع والاضطرار
[ وظلالهم بالغدو والآصال ] أي وتسجد ظلالهم أيضا لله في أول النهار وأواخره، والغرض الإخبار عن عظمة الله تعالى وسلطانه، الذي قهر كل شيء، ودان له كل شيء، بأنه ينقاد لجلاله جميع الكائنات، حتى ظلال الآدميين، والكل في نهاية الخضوع والاستسلام لأمره تعالى :
[ قل من رب السموات والأرض ] أي قل يا محمد لهولاء المشركين : مَن خالق السموات والأرض ومدبر امرهما ؟ والسؤال للتهكم والسخرية لما عبدوا من دون الله
[ قل الله ] اي قل لهم تقريعا وتبكيتا : الله خالقهما


الصفحة التالية
Icon