[ قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ] اي قل لهم - إلزاما لإقامة الحجة عليهم - أجعلتم لله شركاء ؟ وعبدتموهم من دونه، وهم لا يقدرون على نفع أنفسهم، ولا على دفع الضر عنها ؟ فكيف يستطيعونه لغيرهم ؟
[ قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور ] ؟ هذا تمثيل لضلالهم في عبادة غير الله، والمراد بالأعمى : الكافر، وبالبصير : المؤمن، وبالظلمات : الضلال، وبالنور : الهدى، والمعنى : كما لا يستوي الأعمى والبصير، وكما لا تستوي الظلمات والنور، كذلك لا يستوي المؤمن الذي يبصر ضياء الحق، والمشرك الذي عمي عن رؤية ذلك الضياء، فالفارق بين الحق والباطل واضح، وضوح الفارق بين الأعمى والبصير، والفارق بين الإيمان والضلال ظاهر، ظهور الفارق بين النور والظلام
[ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم ] هذا من تمام الاحتجاج عليهم، والتهكم بهم، اي هل اتخذ هؤلاء المشركون آلهةً، خلقوا مخلوقات كالتي خلقها الله، فالتبس الأمر عليهم، فلا يدرون خلق الله من خلقِ آلهتهم ؟ وهو تهكم لاذع، فانهم يرون كل شيء من خلق الله، ويرون هذه الآلهة المزعومة لم تخلق شيئاً، ثم بعد هذا كله يعبدونها من دون الله، وذلك أسخف واحط ما تصل إليه عقول المشركين ! ! ولما اقام الحجة عليهم جاء بهذا البيان الواضح
[ قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار ] أي الله الخالق لجميع الأشياء، لا خالق غيره، وهو المنفرد بالألوهية والربوبية، الغالب لكل شيء، وجميع الأشياء تحت قدرته وقهره.
البلاغة :
في الآيات الكريمة من وجوه الفصاحة والبيان والبديع ما يلي :
١ - الإشارة بالبعيد عن القريب في [ تلك آيات الكتاب ] تنزيلا لها منزلة البعيد، للدلالة على علو شأنها ورفعة منزلتها و[ أل ] في الكتاب للتفخيم أي الكتاب العجيب الكامل في إعجازه وبيانه.
٢ - الاستعارة التبعية في [ يغشي الليل النهار ] شبه إزالة نور النهار بواسطة ظلمة الليل، بالغطاء الكثيف واستعار لفظ [ يغشي ] المشير إلى تغطية الأشياء الظاهرة بالأغطية الحسية، للأمور المعنوية على طريق الاستعارة.
٣ - الطباق في [ تغيض.. وتزداد ] وفي [ الغيب والشهادة ] وفي [ أسر.. وجهر ] وفي [ مستخف.. وسارب ] لأن السارب الظاهر وفي [ خوفا وطمعا ] وفى [ طوعا وكرها ] وكلها من المحسنات البديعية اللفظية.
٤ - الإيجاز بالحذف في [ قل الله ] اي الله خالق السموات والأرض.
٥ - التشبيه التمثيلي في [ كباسط كفيه ] شبه عدم استجابة الأصنام للداعين لها، بعدم استجابة الماء لباسط كفيه إليه من بعد، فوجه الشبه منتزع من متعدد، ولهذا يسمى (التشبيه التمثيلى).
٦ - الاستعارة في [ هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور ] استعار لفظ (الظلمات والنور) للكفر والإيمان وكذلك لفظ (الأعمى) للمشرك الجاهل و(البصير) للمؤمن العاقل.
تنبيه :
سميت الملائكة " معقبات " لأنهم يتعاقبون على أعمال العباد بالليل والنهار، كما في صحيح البخاري :" يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فيجتمعون في صلاة الفجر والعصر. " الحديث.
فائدة :
روي عن أبى هريرة رضي الله عنه ان النبي (ص) كان إذا سمع صوت الرعد يقول :(سبحان من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، وهو على كل شىء قدير) وكان أبو هريرة يقول : من قالها فأصابته صاعقة فعلى ديته.
قال الله تعالى :[ أنزل من السماء ماء.. ] الى قوله [ وما لهم من الله من واق ]. من آية (١٧ ) إلى نهاية آية (٣٤).
المناسبة :