[ كذلك يضرب الله الأمثال ] أي مثل هذين المثَلين السابقين، يبين الله الأمثال للحق والباطل، والهدى والضلال، ليعتبر الناس ويتعظوا (( يقول الشهيد " سيد قطب " في تفسيره الظلال ما نصه :" ثم نمضى مع السياق يضرب مثلا للحق والباطل، للدعوة الباقية والدعوة الذاهبة مع الريح، إن الماء لينزل من السماء فتسيل به الأودية، وهو يلم في طريقه غثاء يطفو على وجهه في صورة الزبد، وهو نافش راب منتفخ، ولكنه بعد غثاء، والماء من تحته سارب ساكن هادىء، ولكنه هو الماء الذي يحمل الخير والحياة، كذلك يقع في المعادن التي تذاب لتصاغ منها حلية كالذهب والفضة او آنية كالحديد والرصاص، فان الخبث يطفو ولكنه بعد خبث يذهب، ويبقى المعدن في نقاء، ذلك مثل الحق والباطل، فالباطل يطفو ويعلو ويبدو رابيا منتفخا ولا يلبث أن يذهب جفاء مطروحا لا حقيقة له ولا تماسك، والحق يظل هادئا ساكنا ولكنه الباقي في الأرض كالماء المحيى، والمعدن الصريح " ))
[ للذين استجابوا لربهم الحسنى ] أى للمؤمنين الذين استجابوا لله بالإيمان والطاعة، المثوبة الحسنى، وهي (الجنة) دار النعيم
[ والذين لم يستجيبوا له ] أي لم يجيبوا ربهم إلى الإيمان به، وهم الكافرون
[ لو أن لهم ما في الأرض جميعا ] أي لو كان لهم جميع ما في الدنيا من الأموال
[ ومثله معه ] أي ومثل جميع ما في الدنيا من كنوز
[ لافتدوا به ] أي لبذلوا كل ذلك فداء لأنفسهم، ليتخلصوا من عذاب الله
[ أولئك لهم سوء الحساب ] أي لهم الحساب السيىء، قال الحسن : يحاسبون بذنوبهم كلها، لا يغفر لهم منها شيء
[ ومأواهم جهنم ] أي المكان الذي يأوون اليه يوم القيامة نار جهنم
[ وبئس المهاد ] أي بئس هذا المستقر والفراش الممهد لهم في النار
[ أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى ] الهمزة للاستفهام الإنكاري أي هل يستوي من أمن وصدق بما نزل عليك يا أيها الرسول، ومن بقي يتخبط في ظلمات الجهل والضلال ؟ لا لب له كالأعمى ؟ والمراد به عمى البصيرة، قال ابن عباس : نزلت في حمزة، وابي جهل
[ إنما يتذكر أولوا الألباب ] أي إنما يتعظ بآيات آلله ويعتبر بها ذوو العقول السليمة، ثم عدد تعالى صفاتهم فقال سبحانه :
[ الذين يوفون بعهد الله ] أي يحفظون عهد الله الذي وصاهم به، وهي أوامره ونواهيه التي كلف بها عباده
[ ولا ينقضون الميثاق ] أي لا يخالفون ما وثقوه على انفسهم، من العهود المؤكدة بينهم وبين الله، وبين العباد
[ والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ] أي يصلون الأرحام التي أمر الله بصلتها
[ ويخشون ربهم ] أي يهابون ربهم إجلالا وتعظيما
[ ويخافون سوء الحساب ] اي يخافون الحساب السيىء المؤدي لدخول النار، فهم لرهبتهم جادون في طاعة الله، محافظون على حدوده
[ والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم ] أي صبروا على المكاره طلبا لمرضاة الله
[ وأقاموا الصلاة ] أي أدوا الصلاة المفروضة بحدودها في اوقاتها
[ وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ] اي أنفقوا بعض اموالهم التي أوجبها الله عليهم في الخفاء والعلانية
[ ويدرءون بالحسنة السيئة ] أي يدفعون الجهلَ بالحلم، والأذى بالصبر، وقال ابن عباس : يدفعون بالعمل الصالح السيىء من الأعمال بمعنى يفعلون الحسنات ليدرءوآ بها السيئات، وفي الحديث :" وأتبع السيئةَ الحسنة تمحها "
[ أولئك لهم عقبى الدار ] اي العاقبة المحمودة في الدار الآخرة، وهي (الجنة) وقد جاء تفسيرها في قوله تعالى :