[ جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ] اي جنات إقامة خالدة، يدخلها اولئك الأبرار، ومن كان صالحا من آبائهم ونسائهم وأولادهم، ليأنسوا بلقائهم ويتم بهم سرورهم، وان لم يكونوا يستحقون هذه المنازل العالية بأعمالهم، فترفع منازل هؤلاء إكراما لأولئك، وذلك فضل الله، ثم إن لهم إكراما آخر بينه تعالى بقوله :
[ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ] اي والملائكة تدخل عليهم للتهنئة من كل باب من ابواب الجنة، يقولون لهم
[ سلام عليكم بما صبرتم ] اي سلمتم من الآفات والمحن، بصبركم في الدنيا، ولئن تعبتم فيما مضى فلقد استرحتم الساعة، وهذه بشارة لهم بدوام السلامة
[ فنعم عقبى الدار ] أي نعمت هذه العاقبة الحميدة عاقبتكم، وهي الجنة بدل النار، ولما ذكر تعالى أوصاف المؤمنين التسع، أعقبه بذكر اوصاف الكافرين الذميمة فقال :
[ والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ] أي ينقضون عهودهم بعدما وثقوا على أنفسهم لله، أن يعملوا بما عهد إليهم من طاعته والإيمان به
[ ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ] أي يقطعون الرحم التي امر الله بوصلها
[ ويفسدون في الأرض ] بأنواع البغي والإفساد
[ أولئك لهم اللعنة ] اي اولئك الموصوفون بما ذكر من القبائح، لهم البعد من رحمته، والطرد من جنته
[ ولهم سوء الدار ] اي لهم ما يسوءهم في الدار الآخرة، وهو (عذاب جهنم ) على عكس المتقين
[ الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ] اْي يوسع على من يشاء من عباده، ويضيق على من يشاء، حسب الحكمة والمصلحة
[ وفرحوا بالحياة الدنيا ] أي وفرح هؤلاء المشركون بنعيم الدنيا فرح أشر وبطر، وهو إخبار في ضمنه ذم وتسفيه لمن فرح بالدنيا، ولذلك حقرها بقوله :
[ وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ] اي عرض قليل وشىء حقير، بالنظر إلى الآخرة
[ ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه ] أي ويقول كفار مكة : هلا انزل على محمد معجزة من ربه ؟ مثل معجزة موسى في فلق البحر، ومعجزة عيسى في احياء الموتى ؟ ونحو ذلك
[ قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ] أي قل لهم يا ايها الرسول : الأمر بيد الله وليس إلى، يضل من يشاء إضلاله، فلا تغنى عنه الآيات والنذر شيئا، ويرشد إلى دينه من اراد هدايته، لأنه رجع إلى ربه بالتوبة والإنابة، قال في التسهيل : خرج بالكلام مخرج التعجب، حين طلبوا آَية، والمعنى : قد جاءكم محمد (ص) بالقرآن وآيات كثيرة فعميتم عنها، وطلبتم غيرها، وتماديتم على الكفر فانه تعالى يضل من يِشاء مع ظهور الآيات، ويهدي من يشاء دون ذلك
[ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ] هذا بدل والمعنى : يهدي أهل الإنابة، وهم الذين آمنوا وتسكن وتستأنس قلوبهم بذكر الله وتوحيده، وجيء بصيغة المضارع، لإفادة دوام الاطمئنان واستمراره
[ ألا بذكر الله تطمئن القلوب ] أي ألا فانتبهوا أيها القوم، فإن بذكر الله تستأنس وتسكن قلوب المؤمنين، فلا يشعرون بقلق واضطراب من سوء العقاب، على عكس الذين إذا ذكر الله اشمأزت قلوبهم
[ الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب ] أي أما المؤمنون أهل الأعمال الصالحة، فَقرة عين لهم، ونعم ما يلقون من الهناءة والسعادة، في المرجع والمنقلب، قال ابن عباس :[ طوبى لهم ] فرح وقرة عين
[ كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم ] أي كما أرسلنا الأنبياء من قبلك، كذلك أرسلناك يا محمد في امة قد مضت قبلها امم كثيرة، فهى آخر الأمم، وأنتَ خاتم الأنبياء
[ لتتلوا عليهم الذى أوحينا إليك ] أي لتبلغهم هذا الوحي العظيم، والذكر الحكيم
[ وهو يكفرون بالرحمن ] أي والحال انهم يكفرون بالرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء