[ قل هو ربى لا إله إلا هو ] أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين : إن الرحمن الذي كفرتم به وانكرتم معرفته، هو ربي الذي امنت به، لا معبود لي سواه
[ عليه توكلت وإليه متاب ] أي عليه وحده اعتمدت، واليه توبتي ومرجعي، فيثيبني على مجاهدتكم، والغرض تسلية النبي، مما يلقاه من كفار قريش، من الجحود والعناد، فقد كذبت قبلهم الأمم
[ ولو أن قرآنا سيرت به الجبال ] أي لو كان كتاب من الكتب المنزلة، سيرت بتلاوته الجبال، وزعزعت عن أماكنها
[ أو قطعت به الأرض ] اي شققت به الأرض حتى تتصدع وتصير قطعاً
[ أو كلم به الموتى ] أي خوطبت به الموتى حتى أجابت وتكلمت، بعد أن أحياها الله بتلاوته عليها، وجواب [ لو ] محذوف تقديره : لكان هذا القرآن، لكونه غاية في الهداية والتذكير، ونهاية في الانذار والتخويف وقال الزجاج : تقديره " لما آَمنوا " لغلوهم في المكابرة والعناد، وتماديهم في الضلال والفساد
[ بل لله الأمر جميعا ] بل للإضراب، والمعنى : لو أن قرآنا فعل به ما ذكر لكان ذلك هذا القرآَن، ولكن الله لم يجبهم إلى ما اقترحوا من الآيات، لأنه هو المالك لجميع الأمور، والفاعل لما يشاء منها، من غير أن يكون لأحد عليه تحكم او اقتراح
[ أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ] أي أفلم يقنط وييأس المؤمنون، من ايمان الكفار، ويعلموا انه تعالى لو شاء هدايتهم لهداهم، لأن الأمر له، ولكن قضت الحكمة أن يكون بناء التكليف على الاختيار (( ذهب بعض المفسرين إلى ان معنى ﴿أفلم ييأس الذين أمنوا﴾ أفلم يعلم ويتبين وهي لغة هوازن وهذا منقول عن بعض السلف، ولكن لا ضرورة لاخراج الكلمة عن معناها الاصلي، طالما يمكن فهمها على الوجه المتبادر من اليأس، كما بينا ))
[ ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة ] أى ولا يزال كفار مكة، يصيبهم بسوء اعمالهم وكفرهم، داهية تقرع أسماعهم، وتقلق بالهم، من صنوف البلايا والمصائب
[ أو تَحل قريباَ من دارهم ] اي أو تحل القارعة والداهية قريبا من ديارهم، فيفزعون منها ويتطاير إليهم شررها
[ حتى يأتي وعد الله ] باظهار الإسلام وانتصارك عليهم بفتح مكة
[ إن الله لا يخلف الميعاد ] أي لا يخلف وعده لرسله وأوليائه، بنصرتهم على اعدائهم
[ ولقد استهزىء برسل من قبلك ] تسلية وتأنيس للنبي (ص)، أي كما استهزأ بك المشركون، فقد استهزأ المجرمون برسلهم وانبيائهم
[ فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم ] أي أمهلتهم وتركتهم في امن ودعة، ثم اخذتهم بالعذاب
[ فكيف كان عقاب ] اي فكيف كان عقابي لهم على الكفر والتكذيب ؟
[ أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ] اي أفمن هو رقيب، حفيط على عمل كل إنسان، لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد، وهو الله تعالى، والخبر محذوف تقديره : كمن ليس بهذه الصفة من الأصنام، التي لا تسمع ولا تنفع، ولا تملك من الأمر شيئاً ؟ ! قال الفراء : وترك جوابه لأن المعنى معلوم وقد بينه بعد هذا بقوله :[ وجعلوا لله شركاء ] كأنه قيل : هل الله كشركائهم ؟ وقال الزمخشري : هذا احتجاج عليهم في إشراكهم بالله، يعني هل الله الذي هو قائم رقيب على كل نفس، صالحة او طالحة، بما كسبت من خير او شر، وقد اعد لكل جزاءه كمن ليس كذلك ؟
[ وجعلوا لله شركاء قل سموهم ] أي وجعل المشركون آلهة عبدوها معه، من اصنام وانداد، في منتهى العجز والحقارة والجهالة، قل لهم يا محمد : سموهم لنا وصفوهم ؟ لننظر هل لهم ما يستحقون به العبادة والشركة مع الله ؟
[ أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض ] اي أم تخبرون الله بشركاء لا يعلمهم سبحانه ؟ وهو استفهام للتوبيخ
[ أم بظاهر من القول ] أي أم تسمونهم شركاء، بظن باطل فاسد لا حقيقة له ؟ لفرط الجهل وسخافة العقل


الصفحة التالية
Icon