٨ - [ أفلا تعقلون ] الاستفهام للانكار والتوبيخ.
فائدة :
قال السيوطي في قوله تعالى :[ جعل الشمس ضياة والقمر نورا ] ان هذه الآية اصل في علم المواقيت، والحساب، والتاريخ، ومنازل القمر.
لطيفة :
قال الحافظ ابن كثير : من قال مقالة صادقا او كاذبا فلا بد ان ينصب عليه من الادلة على بره او فجوره ما هو أظهر من الشمس، فإن الفرق بين (محمد) (ص) وبين (مسيلمة الكذاب ) لمن شاهدهما اظهر من الفرق بين الضحى وحندس الظلماء، قال عبد الله بن سلام : لما قدم رسول الله (ص) المدينة انجفل الناس " اي تفرق اليهود عنه " فكنت فيمن انجفل، فلما رأيته عرفت ان وجهه ليس بوجه كذاب، فكان اول ما سمعته يقول :(يا ايها الناس افشوا السلام، واطعموا الطعام، وصلوا الارحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام ) فقد ايقن بصدقه صلوات الله وسلامه عليه بما رأى من الدلائل الساطعة، وما احسن ما قاله حسان : لولم تكن فيه آيات مبينة لكان منظره ينبيك بالخبر
قال الله تعالى :[ وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء.. الى.. فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ] من آية (٢١) الى نهاية آية (٣٩).
المناسبة :
لما ذكر تعالى الادلة على فساد عبادة الاوثان، وشبهات المشركين حول الرسالة والقرآن، ذكر هنا ان عادة هؤلاء الاشقياء المكر، والجحود، والعناد، فان اصابتهم الشدة تضرعوا، وان جاءتهم الرحمة بطروا وكفروا، ثم ضرب تعالى المثل بالحياة الدنيا في الزوال والفناء، لئلا يغتر بها البشر، ثم عاد الى ذكر الادلة والبراهين، على وحدانية الله رب العالمين.
اللغة :
[ عاصف ] العاصف : الريح الشديدة التي تعصف بالاوراق والاشجار، قال الفراء : يقال عصفت الريح واعصفت أى اشتدت، قال الشاعر : ان الرياح اذا ما اعصفت قصفت عيدان نجد ولا يعبأن بالرتم
[ الموج ] ما ارتفع من الماء فوق البحر، سمي موجا لاضطرابه
[ زخرفها ] الزخرف : كمال حسن الشيء ونضارته، سمي زخرفا لبهجته ونضارته
[ تغن ] غني بالمكان اذا اقام به وعمره
[ يزهق ] يغشى ويعلو يقال : رهقه الذل أى غشيه
[ قتر ] القتر والقترة : الغبار الذي معه سواد قال تعالى
[ يرهقها قترة ] اي تعلوها غبرة جهنم، وقيل : القتر الغبار وإن لم يكن معه سواد، قال الفرزدق : متوج برداء الملك يتبعه موج ترى فوقه الرايات والقترا
[ زيلنا ] فرقنا وميزنا
[ تؤفكون ] تصرفون عن الحق الى الباطل.
التفسير :
[ وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم ] المراد بالناس كفار مكة، روي ان الله سلط عليهم القحط سبع سنين، حتى كادوا يهلكون فطلبوا منه (ص) ان يدعو لهم بالخصب ووعدوه بالايمان فلما رحمهم الله بانزال المطر، رجعوا الى الكفر والعناد والمعنى : واذا اذقنا هؤلاء المشركين رخاء بعد شدة، وخصبا بعد جدب أصابهم
[ إذا لهم مكر في آياتنا ] قال مجاهد : استهزاء وتكذيب
[ قل الله أسرع مكرا ] أى اعجل عقوبة على جزاء مكرهم (( " مكر الله " الموصوف بالسرعة هو عقابه لهم، سماه مكرا مشاكلة لفعلهم، وتسمية للعقوبة بأسم الذنب، أي الله أعجل عقوبة ))
[ إن رسلنا يكتبون ما تمكرون ] أى ان الملائكة الحفظة يكتبون مكركم ويسجلون اجرامكم، وفيه تنبيه على ان ما دبروه غير خاف على الحفظة، فضلا عن العليم الخبير
[ هو الذي يسيركم في البر والبحر ] أى هو تعالى بقدرته الذي يحملكم في البر على الدواب، وفي البحر على السفن التى تسير على وجه الماء
[ حتى إذا كنتم في الفلك ] أى حتى اذا كنتم في البحر على ظهور هذه السفن
[ وجرين بهم بريح طيبة ] فيه التفات أى وجرين بكم بالريح اللينة الطرية التي تسير السفن
[ وفرحوا بها ] أى فرح الركاب بتلك الريح الطيبة