[ جاءتها ريح عاصف ] اي وفجأة جاءتها الريح الشديدة العاصفة المدمرة
[ وجاءهم الموج من كل مكان ] أى واحاطت بهم امواج البحار من كل جهة
[ وظنوا أنهم أحيط بهم ] أى أيقنوا بالهلاك
[ دعوا الله مخلصين له الدين ] اي أخلصوا الدعاء لله وتركوا ما كانوا يعبدون، قال القرطبي : وفي هذا دليل على أن الخلق جبلوا على الرجوع الى الله في الشدائد، وان المضطر يجاب دعاؤه وان كان كافرا، لانقطاع الاسباب، ورجوعه الى رب الارباب
[ لئن انجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين ] أى لئن انقذتنا من هذه الشدائد والاهوال، لنكونن من الشاكرين لك على نعمائك، والعاملين بطاعتك ومرضاتك، قال في البحر : ومعنى الاخلاص افراده بالدعاء من غير اشراك اصنام وغيرها، وقال الحسن :[ مخلصين ] ليس اخلاص ايمان، ولكن لأجل العلم بأنهم لا ينجيهم من ذلك الا الله، فيكون ذلك جاريا مجرى الايمان الاضطراري
[ فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق ] أى فلما خلصهم وأنقذهم، إذا هم يعملون في الأرض بالفساد والمعاصي، قال ابن عباس : يبغون بالدعاء فيدعون غير الله ويعملون بالمعاصي.. قال تعالى ردا عليهم
[ يأيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ] أى وبال البغى عليكم، ولا يجني ثمرته الا انتم
[ متاع الحياة الدنيا ] أى تتمتعون في هذه الحياة بالشهوات الفانية، التى تعقبها الحسرات الباقية
[ ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون ] أى مرجعكم بعد الموت الينا فنجازيكم عليها، وفي هذا وعيد وتهديد. والآية الكريمة تمثيل لطبيعة الانسان الجحود، لا يذكر الله الا في ساعة العسرة، ولا يرجع اليه الا وقت الكرب والشدة، فإذا نجاه الله من الضيق، وكشف عنه الكرب، رجع الى الكفر والعصيان، وتمادى في الشر والطغيان.. ثم ضرب تعالى مثلا للحياة الدنيا الزائلة الفانية، وقصر مدة التمتع بها فقال
[ إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض ] أى صفة الحياة الدنيا، وحالها العجيبة في فنائها وزوالها، وذهاب نعيمها واغترار الناس بها، كمثل مطر نزل من السماء فنبت به انواع من النبات، مختلط بعضها ببعض، قال ابن عباس : اختلط فنبت بالماء كل لون
[ مما يأكل الناس والأنعام ] أى مما يأكله الناس من الحبوب والثمار والبقول، والانعام من الكلأ والتبن والشعير
[ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ] أى اخذت حسنها وبهجتها
[ وازينت ] أى تزينت بالحبوب والثمار والازهار، وهو تمثيل لها بالعروس اذا تزينت بالحلي والثياب
[ وظن أهلها أنهم قادرون عليها ] أى وظن اصحابها انهم متمكنون من الانتفاع بها، محصلون لثمرتها وغلتها
[ أتاها أمرنا ليلا أو نهارا ] أى جاءها قضاؤنا بهلاك ما عليها من النبات، اما ليلا واما نهارا
[ فجعلناها حصيدا ] أى محصودة مقطوعة لا شيء فيها، كالذي حصد بالمناجل
[ كأن لم تغن بالأمس ] أى كأنها لم تكن عامرة قائمة على ظهر الارض قبل ذلك
[ كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ] أى مثل ما بينا هذا المثل الرائع للحياة الدنيا، نبين الآيات ونضرب الامثال لقوم يتفكرون فيعتبرون بهذه الامثال، قال الالوسي : وتخصيصهم بالذكر لانهم المنتفعون بالمواعظ
[ والله يدعو إلى دار السلام ] أى يدعو الى الجنة دار السرور والاقامة
[ ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ] أى يوصل من شاء هدايته الى الطريق المستقيم وهو دين الاسلام
[ للذين أحسنوا الحسنى ] أى للذين احسنوا بالايمان والعمل الصالح لهم الحسنى أى الجنة
[ وزيادة ] وهي النظر الى وجه الله الكريم (( ورد هذا في حديث صحيح أخرجه مسلم في الإيمان أن الزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم ))
[ ولا يرهق وجوههم قتر ] أى ولا يغشى وجوههم غبار ولا سواد، كما يعتري وجوه اهل النار