[ ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ] هذا هثل ضربه الله لكلمة ( الإيمان ) وكلمة (الإشراك )، فمثل لكلمة الإيمان بالشجرة الطيبة، ولكلمة الإشراك بالشجرة الخبيثة، قال ابن عباس : الكلمة الطيبة " لا إله إلا الله " والشجرة الطيبة " المؤمن "
[ أصلها ثابت وفرعها في السماء ] أي أصلها راسخ في الأرض، وأغصانها ممتدة نحو السماء
[ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ] أي تعطي ثمرها كل وقت، بتيسير الخالق وإبداعه، كذلك كلمة الإيمان ثابتة في قلب المؤمن، وعمله يصعد إلى السماء، ويناله بركته وثوابه في كل وقت
[ ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ] أي يبين لهم الأمثال لعلهم يتعظون فيؤمنون
[ ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ] أي ومثل كلمة الكفر الخبيثة، كشجرة الحَنظل الخبيثة
[ اجتثت من فوق الأرض ] أي استؤصلت من جذورها واقتلعت من الأرض، لعدم ثبات أصلها
[ ما لها من قرار ] أي ليس لها استقرار وثبات، كذلك كلمة الكفر، لا ثبات لها ولا فرع ولا بركة، قال ابن الجوزي : شُبه ما يكسبه المؤمن من بركة الإيمان وثوابه، في كل وقت، بثمرتها المجتناة في كل حين، فالمؤمن كلما قال (لا إله إلا الله ) صعدت إلى السماء ثم جاء خيرُها ومنفعتها، والكافر لا يُقبل عمله، ولا يصعد إلى الله تعالى، لأنه ليس له أصل في الأرض ثابت، ولا فرع في السماء ممتد
[ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ] أي يثبتهم على كلمة التوحيد (لا إله إلا الله ) وعلى الإيمان في هذه الحياة، فلا يزيغون ولا يُفْتنون
[ وفي الآخرة ] أي عند سؤال الملكين في القبر، كما جاء في الحديث الشريف :(المسلم إذا سئل في القبر شهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله ) فذلك قوله تعالى :[ يثبت الله آلذين آمنوا ].. " الآية
[ ويضل الله الظالمين ] أي لا يهديهم في الحياة ولا عند سؤال الملكين وقت الممات
[ ويفعل الله ما يشاء ] أي من هداية المؤمن لإضلال الكافر، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون
[ ألم تر الى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ] استفهام للتعجيب أي ألا تعجب أيها السامع من أولئك الذين غيروا نعمة الله، بالكفر والتكذيب ؟ قال المفسرون : هم " كفار مكة " فقد أسكنهم الله حرمه الآمن، وجعل عيشهم في السعة، وبعث فيهم محمداً فًي فلم يعرفوا قدر هذه النعمة، وكفروا به وكذبوه، فابتلاهم الله بالقحط والجدب
[ وأحلوا قومهم دار البوار ] أي أنزلوا قومهم دار الهلاك، بكفرهم وطغيانهم، ثم فسرها تعالى بقوله :
[ جهنم يصلونها وبئس القرار ] أي احلْوهم في جهنم، يذوقون سعيرها، وبئست جهنم مستقرا للكافرين
[ وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله ] أي جعلوا لله شركاء من الأوثان، عبدوهم كعبادته، ليُضلوا الناس عن دين الله
[ قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ] أي استمتعوا بنعيم الدنيا فإن مردكم ومرجعكم إلى عذاب جهنم، وهو وعيد وتهديد
[ قل لعبادى الذين آمنوا يقيموا الصلاة ] أي قل يا محمد لعبادي الذين آمنوا : فليقيموا الصلاة المفروضة عليهم، ويؤدوها على الوجه الأكمل
[ وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية ] أي ولينفقوا مما أنعمنا عليهم به من الرزق، خفية وجهرا
[ من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ] أي من قبل أن يأتي يوم القيامة، الذي لا انتفاع فيه، بمبايعة ولا صداقة، ولا فداء ولا شفاعة.. ولما أطال الكلام في وصف أحوال السعداء والأشقياء، ختم ذلك بذكر الدلائل الدالة على وجود الخالق الحكيم، فقال سبحانه :
[ الله الذي خلق السموات والأرض ] أي أبدعهما واخترعهما على غير مثال سبق
[ وأنزل من السماء ماء ] أي أنزل من السحاب المطر
[ فأخرج به من الثمرات رزقا لكم ] أي أخرج بالمطر من أنواع الزروع والثمار، رزقا للعباد يأكلونه


الصفحة التالية
Icon