[ وسخر لكم الفلك لتجرى قي البحر بأمره ] أي ذلل السفن الكبيرة، لتسير بمشيئته في البحر، فوق سطح الماء، تركبونها وتحملون فيها أمتعتكم من بلد إلى بلد
[ وسخر لكم الأنهار ] أي الأنهار العذبة، لتشربوا منها وتسقوا وتزرعوا
[ وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ] أي وذلل لكم الشمس والقمر يجريان بانتظام، لا يفتران، لصلاح أنفسكم ومعاشكم
[ وسخر لكم الليل والنهار ] أي لتسكنوا في الليل، ولتبتغوا من فضله بالنهار، هذا لمنامكم، وذاك لمعاشكم
[ وآتاكم من كل ما سألتموه ] أي أعطاكم من كل ما تحتاجون إليه، وما يصلح أحوالكم ومعاشكم، مما سألتموه بلسان الحال أو المقال
[ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ] أي وان تعدوا نِعَم الله عليكم، لا تطيقوا حصرها وعدها، فهي أكبر وأكثر من أن يحصيها عدد
[ إن الإنسان لظلوم كفار ] الإنسان اسم جنس، أي إن الإنسان لمبالغ في الظلم والجحود، ظالم لنفسه بتعديه حدود الله، جحود لنعم الله، وقبل : المعنى : إنه ظلوم في الشدة يشكو ويجزع، كفار في النعمة يجمع ويمنع !
البلاغه :
تضمنت آلايات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي :
١ - التشبيه التمثيلي [ أعمالهم كرماد اشتدت به الريح ] لأن وجه الشبه منتزع من متعدد
٢ - التشبيه المرسل المجمل [ ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ] ومثلها [ ومثل كلمة طيبة ].
٣ - الطبا ق في [ أصلها.. وفرعها ] وفي [ طيبة.. وخبيثة ] وفي [ يذهب.. ويأتى ] وفي [ سرا.. وعلانية ] وفي [ جزعنا.. وصبرنا ].
٤ - طباق السلب في [ فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ].
٥ - التعجيب [ ألم تر كيف ضرب الله مثلا، الاستفهام للتعجيب من الأمر.
٦ - التهديد والوعيد [ قل تمتعوا ].
٧ - صيغة المبالغة [ ظلوم كفار ] لأن (فعول ) و(فعال ) من صيغ المبالغة.
٨ - السجع المرضع دون تكلف مثل [ البوار.. القرار.. النار ] إلخ.
قال الله تعالى :[ وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد.. ] الى قوله [ وليذكر أولوا الألباب ]. من آية (٣٥) الى آية ( ٥٢) نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما ذكر تعالى بالدلائل الحسية والسمعية، انفراده بالألوهية وأن لا معبود يستحق العبادة إلا الله، ذكر هنا أبا الأنبياء (إبراهيم ) عليه السلام حصن التوحيد، ومبالغته في هدم الشرك والأوثان، ثم ذكر موقف الظالمين يوم الدين، وما يعتريهم من الذل والهوان في يوم الحشر الأكبر.
اللغه :
[ اجنبني ] أبعدني ونحني يقال : جَنب وجنب وأصله جعل الشيء في جانب آخر
[ تشخص ] شخَص البصر : إذا بقيت العين مفتوحة لا تغمض من هول ما ترى
[ مهطعين ] مسرعين يقال أهطع إهطاعا إذا أسرع، قال الشاعر : بدجلةَ دارهُم ولقد أَراهم بدجلةَ مهطعينَ إلى السماع
[ مقنعي ] المقنعُ : الرافع رأسه المقبل ببصره على ما بين يديه
[ هواء ] خالية
[ مقرنين ] مشدودين
[ الأصفاد ] الأغلال والقيود واحدها صفد
[ سرابيلهم ] جمع سربال وهو القميص والثوب
[ تغشى ] تجلل وتغطي.
التفسير :
[ وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا ] أي اجعل يا رب مكة بلد أمنٍ، يأمن أهله وساكنوه
[ واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام ] أي احمني وجنبني وأولادي عبادةَ الأصنام، والغرض تثبيته على ملة التوحيد والاسلام
[ رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ] أي يا رب إن هذه الأصنام أضلت كثيرا من الخلق عن الهداية والإيمان
[ فمن تبعني فانه مني ] أي فمن أطاعني وتبعني على التوحيد، فإنه من أهل ديني
[ ومن عصاني فإنك غفور رحيم ] أي ومن خالف أمري، فإنك يا رب غفار الذنوب، رحيم بالعباد