[ ربنا إني أسكنت من ذريتى ] كرر النداء رغبة في الإجابة، وإظهارا للتذلل والإلتجاء الى الله تعالى، أي يا ربنا إني أسكنت من أهلي - ولدي إسماعيل وأمه هاجر (( روي أن هاجر لما ولدت إسماعيل غارت منها " سارة " زوجة إبراهيم، فأمره الله تعالى ان يحمل ولده (إسماعيل ) مع أمه من الشام إلى مكة، فجاء بهما فوضعهما عند دوحة مكان زمزم كما فى الحديث الطويل الذي رواه البخاري ومسلم ))
[ بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ] أي بوادٍ ليس فيه زرع فى جوار بيتك المحرم، وهو وادي مكة شرفها الله تعالى
[ ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ] أي يا ربنا لكى يعبدوكَ، ويقيموا الصلاة على الوجهِ الذي يرضيك، أسكنتهم بهذا الوادي، فأجعل قلوبَ الناسِ، تحن وتسرع إليهم شوقا، قال ابن عباس : لو قال :" أفئدة الناس " لازدحمت عليه فارس والروم والناسُ كلهم، ولكن قال :[ من الناس ] فهم المسلمون
[ وأرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ] أي وأرزقهم في ذلك الوادي القفر من أنواع الثمار، ليشكروك على جزيل نِعمك، وقد استجاب الله دعاءه، فجعل مكة حرما آمنا، يجبى إليها ثمرات كل شيء رزقا من عند الله
[ ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن ] أي يا ربنا إنك انتَ العالم بما في القلوب، تعلم ما نسر وما نظهر
[ وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء ] أي لا يغيب عليه تعالى شيء قي الكائنات، سواء منها ما كان في الأرض أو في السماء!! وكيف تخفى عليه وهو خالقها وموجدها ؟
[ الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق ] أي الحمد لله الذي رزقني، على كبر سني وشيخوختي (إسماعيل ) و(إسحق ) قال ابن عباس : ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين، وولد له إسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة
[ إن ربي لسميع الدعاء ] أي مجيب لدعاء من دعاه
[ رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ] هذه هي الدعوة السادسة من دعوات الخليل عليه السلام أي يا رب اجعلني ممن حافظ على الصلاة، واجعل من ذريتي من يقيمها أيضا، وهذه خير دعوةٍ يدعو المؤمن بها لأولاده، فلا أحب له من أن يكون مقيما للصلاة هو وذريته لأنها عماد الدين
[ ربنا وتقبل دعاء ] أي تقبل واستجب دعائي فيما دعوتك به
[ ربنا اغفر لي ولوالديً وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ] هذه هي الدعوة السابعة، وبها ختم إبراهيم دعاءه الضارع الخاشع، بالاستغفار له ولوالديه ولجميع المؤمنين، يوم يقوم الناس لرب العالمين، قال المفسرون : استغفر لوالديه قبل ان يتبين له ان أباه عدو لله، قال القشيري : ولا يبعد أن تكون أمه مسلمة لأن الله ذكر عذره في استغفاره لأبيه دون أمه.. وينتقل السياق إلى مشاهد القيامة، وما فيها من الأهوال، حين تتزلزل القلوب والأقدام، فيقول سبحانه
[ ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ] أي لا تظنن يا محمد أنً الله ساه عن أفعال الظلمة، فإن سنة الله إمهال العصاة، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، قال ميمون بن مِفران : هذا وعيد للظالم. ، وتعزية للمظلوم
[ إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ] أي إنما يؤخرهم ليوم رهيب عصيب، تَشخص فيه الأبصار، من الفزع والهَلع، فتظل مفتوحة مبهوتة، لا تطرف ولا تتحرك، قال أبو آلسعود : تبقى أبصارهم مفتوحة، لا تتحرك أجفانهم، من هول ما يرونه
[ مهطعين مقنعي رءوسهم ] أي مسرعين لا يلتفتون إلى شيء، رافعين رءوسهم مع إدامة النظر، قال الحسن : وجوه الناس يومئذِ إلى السماء، لا ينظر أحد إلى أحد
[ لا يرتد إليهم طرفهم ] أي لا يطرفون بعيونهم، من الخوف والجزع
[ وأفئدتهم هواء ] أي قلوبهم خالية من العقل لشدة الفزع
[ وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ] أي خوف يا محمد الكفار، من هول يوم القيامة، حين يأتيهم العذاب الشديد


الصفحة التالية
Icon