[ فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا الى أجل قريب ] أي فيتوجه الظالمون يومئذ إلى الله بالرجاء، يقولون : يا ربنا آمهلنا إلى زمن قريب لنستدرك ما فات
[ نجب دعوتك ونتبع الرسل ] أي نجب دعوتك لنا إلى الإيمان، ونتبع رسلك فيما جاءونا به من الحق
[ أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ] أي يقال لهم توبيخا وتبكيتا : ألم تحلفوا أنكم باقون في الدنيا لا تنتقلون إلى دار أخرى ؟ والمراد إِنكارهم للبعث والنشور
[ وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم ] أي سكنتم في ديار الظالمين، بعد أن أهلكناهم، فهلا اعتبرتم بمساكنهم ؟
[ وتبين لكم كيف فعلنا بهم ] أي تبين لكم بالإخبار والمشاهدة، كيف أهلكناهم وانتقمنا منهم ! ؟
[ وضربنا لكم الأمثال ] أي بينا لكم الأمثال في الدنيا فلم تعتبروا
[ وقد مكروا مكرهم ] أي مكر المشركون بالرسول وبالمؤمنين، حين أرادوا قتله، في دار الندوة
[ وعند الله مكرهم ] أي وعند الله جزاء هذا المكر، فإنه محيط بهم وبمكرهم
[ وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ] أي وإن كان مكرهم من القوة والتأثير، حتى ليؤدي إلى زوال الجبال، ولكن الله عصَم ووقى منه
[ فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ] أي لا تظنن أيها المخاطب، أن الله يخلف رسله ما وعدهم به من النصر، وأخذ الظالمين المكذبين
[ إن الله عزيز ذو انتقام ] أي إنه تعالى غالب، لا يعجزه شيء، منتقم ممن عصاه
[ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات ] أي ينتقم من أعدائه يوم الجزاء، يوم تتبدل هذه الأرض أرضا أخرى، وتتبدل السماوات سموات أخرى، قال ابن مسعود : تُبدل الأرضُ بأرض كالفضة نقية، لم يسفك فيها دم، ولم يعمل عليها خطيئة
[ وبرزوا لله الواحد القهار ] أي خرجت الخلائق جميعها من قبورهم، ومثلوا أمام أحكم الحاكمين، لا يسترهم ساتر، ولا يقيهم واقي، ليسوا في دورهم، ولا في قبورهم، وإنما هم في أرض المحشر، أمام الواحد القهار
[ وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد ] أي وفي ذلك اليوم الرهيب، تبصر المجرمين مشدودين مع شياطينهم، بالقيود والأغلال، قال الطبري : أي مقرنة أيديهم وأرجُلهم الى رقابهم بالأصفاد، وهي الأغلال والسلاسل
[ سرابيلهم من قطران ] أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران وهي مادة يسرع فيها اشتعال النار، تُطلى بها الإبل الجربي، فيحرق الجربَ بحره وحِدته، وهو أسود اللون منتنُ الريح
[ وتغشى وجوههم النار ] أي تعلوها وتحيط بها النار، جزاء المكر والاستكبار
[ ليجزى الله كل نفس ما كسبت ] أي برزوا يوم القيامة لأحكم الحاكمين، ليجازيهم الله على أعمالهم، المحسنَ باِحسانه، والمسيءَ باِساءته
[ ان الله سريع الحساب ] أي لا يشغله شأن عن شأن، يحاسب جميع الخلق، في أعجل ما يكون من الزمان، في مقدار نصف نهار من أيام الدنيا، كما ورد به الأثر
[ هذا بلاغ للناس ] أي هذا القرآن بلاغ لجميع الخلق، من إنس وجان، اُنزل لتبليغهم بما فيه من فنون العبر والعظات
[ ولينذروا به ] أي لكي ينصحوا به ويخوفوا من عقاب الله
[ وليعلموا أنما هو إله واحد ] أي ولكي يتحققوا بما فيه من الدلائل الواضحة، والبراهين القاطعة، على أنه تعالى واحد أحد، فرد صمد
[ وليذكرأولوا الألباب ] أي وليتعظ بهذا القرآن، أصحاب العقول السليمة، وهم السعداء أهل النُهَى والصلاح !
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي :
١ - التشبيه البليغ [ وأفئدتهم هواء ] حذف منه اداة التشبيه ووجه الشبه أي قلوبهم كالهواء لفراغها من جميع الأشياء، فأصبح التشبيه بليغأ.
٢ - الإيجاز بالحذف [ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ] حذف منه والسموات تبدل غير السموات لدلالة ما سبق.


الصفحة التالية
Icon