[ قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ] استفهام إنكاري، أي لا يقنط من رحمة الله، إلا المخطئون طريق المعرفة والصواب، الجاهلون برب العالمين، أما القلب العامر بالأيمان، المتصل بالرحمن، فلا ييأس ولا يقنط ! ! قال البيضاوى : وكان تعجب إبراهيم عليه السلام، باعتبار العادة دون القدرة، فإن الله تعالى قادرَ على أن يخلق بشرا من غير أبوين، فكيف من شيخ فان وعجوز عاقر ؟ ولذلك أجابهم بذلك الجواب
[ قال فما خطبكم أيها المرسلون ] أي قال إبراهيم : ما شأنكم وما أمركم الذي جئتم من أجله ؟ أيها الملائكة الكرام ؟
[ قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ] أي أرسلنا ربنا إلى قوم مشركين ضالين لإهلاكهم، يعنون قوم لوط
[ إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين ] أي إلا أتباعَ لوط وأهلَه المؤمنين، فسننجيهم من ذلك العذاب أجمعين
[ إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين ] أي إلا امرأة لوط، فقد قدر الله بقاءها في العذاب مع الكفرة الهالكين، قال القرطبي : استثنى من آل لوط امرأته، وكانت كافرة، فالتحقت بالمجرمين في الهلاك
[ فلما جاء آل لوط المرسلون ] أي فلما أتى رسل الله لوطا عليه السلام
[ قال إنكم قوم منكرون ] أي قال لهم : إنكم قوم غرباء، لا أعرفكم، فماذا تريدون ؟
[ قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون ] أي قالوا له : بل نحن رسل الله، جئناك بما كان فيه قومك يشكْون فيه، وهو نزول العذاب الذي وعدتَهم به
[ وأتيناك بالحق وإنا لصادقون ] أي أتيناك بالحق اليقينى من عذابهم، وإنا لصادقون فيما نقول
[ فأسر بأهلك بقطع من الليل ] أي سر بأهلك في طائفتن من الليل
[ واتبع أدبارهم ] أي كن من ورائهم، وسر خلفهم لتطمئن عليهم
[ ولا يلتفت منكم أحد ] أي لا يلتفت أحد منكم وراءه، لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم فيرتاع
[ وامضوا حيث تؤمرون ] أي سيروا حيث يأمركم آلله عز وجل، قال ابن عباس : يعني الشام
[ وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع ] أي أوحينا إلى (لوط ) ذلك الأمر العظيم، أن أولئك المجرمين سيًستأصلون عن آخرهم، حتى لا يبقى منهم أحد
[ مصبحين ] أي إذا دخل الصباح تم هلاكهم واستئصالهم
[ وجاء أهل المدينة يستبشرون ] أي جاء أهل مدينة سدوم - وهم قوم لوط - مسرعين، يستبشرون بأضيافه، طمعا في ارتكاب الفاحشة بهم، ظنا منهم أنهم بشر أمثالهم، قال المفسرون : أُخبر أولنك السفهاء أن في بيت لوط شبانا مردا حسانا، فأسرعوا فرحين، يبشر بعضهم بعضا بأضياف لوط (( يقول سيد قطب عليه الرحمة والرضوان :" تسامع القوم بأن في بيت لوط شبانا صباح الوجوه، ففرحوا بأن هناك صيدا ﴿وجاء أهل المدينة يستبشرون ﴾ والتعبير على هذا النحو يكشف عن مدى الشناعة والبشاعة، التي وصل اليها القوم في الدنس والفجور، يكشف عن هذا المدى في مشهد أهل المدينة يجيئون جماعة مستبشرين بالعثور على شبان يعتدون عليهم، جهرة وعلانية، هذه العلانية التي يترفع عنها الحيوان، بينما أولئك القوم المجرمون يجاهرون بها ويتلمظون عليها، وهي حالة من الارتكاس معدومة النظير، فأما لوط فوقف مكروبا يحاول أن يدافع عن ضيوفه وعن شرفه، وقف يستثير النخوة الآدمية فيهم، ويستجيش وجدان التقوى لله، وهو يعلم ان هذه النفوس المرتكسة المطموسة، لم يعد فيها نخوة ولا شعور إنساني، ولكنه في كربه وشدته يحاول ما يستطيع " ))
[ قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون ] أي هؤلاء ضيوفي فلا تقصدوهم بسوء، فتُلحقوا بي العار وتفضحوني أمامهم
[ واتقوا آلله ولا تخزون ] أي خافوا آلله ان يحل بكم عقابه، ولا تهينوني بالتعرض لهم بالمكروه