[ أأنزل عليه الذكر من بيننا ] ؟ الاستفهام للإنكار أي هل تنزل القرآن على محمد دوننا، مع أن فينا من هو أكثر منه مالا، وأعلى رياسة ؟ قال الزمخشري : انكروا أن يختص(ص) بالشرف من بين أشرافهم ورؤسائهم، وهذا الإنكار ترجمة عما كانت تغلي به صدورهم، من الحسد على ما أوتي من شرف النبوة من بينهم
[ بل هم في شك من ذكري ] إضراب عن محذوف تقديره : إنكارهم للذكر - يعني القرآن - ليس عن علم، بل هم في شك منه فلذلك كفروا
[ بل لما يذوقوا عذاب ] إضراب انتقالي وغرضه التهديد، والمعنى : سبب شكهم أنهم لم يذوقوا العذاب إلى الآن، ولو ذاقوه لأيقنوا بالقرآن وآمنوا به
[ أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب ] ؟ هذا رد على المشركين فيما أنكروا من اختصاص محمد (ص) بالنبوة، والمعنى : هل عندهم خزائن رحمته تعالى حتى يعطوا النبوة من شاءوا، ويمنعوها من شاءوا ؟ قال البيضاوي : يريد أن النبوة عطية من الله يتفضل بها على من يشاء من عباده، فإنه [ العزيز ] أي الغالب الذي لا يغلب [ الوهاب ] أي الذي له أن يهب ما يشاء لمن يشاء
[ أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما ] ؟ أي هل لهم شيء من ملك السموات والأرض ؟ وهو إنكار وتوبيخ
[ فليرتقوا في الأسباب ] أي إن كان لهم شيء من ذلك، فليصعدوا في المعارج التي توصلهم إلى السماء، وليدبروا شئون الكون ؟ وهو تهكم بهم وإستهزاء، قال الرمخشري : تهكم بهم غاية التهكم فقال : إن كانوا يصلحون لتدبير الخلائق، والتصرف في قسمة الرحمة، وكان عندهم من الحكمة ما يميزون بها، بين من هو حقيق بالنبوة من غيره، فليصعدوا في المعارج التي يتوصلون بها الى العرش، حتى يستووا عليه ويدبروا أمر العالم، وينزلوا الوحي على من يختارون، وهو غاية التهكم بهم )
[ جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ] التنكير للتقليل والتحقير، و[ ما ] لتأكيد القلة أي ما هم إلا جند من الكفار، المتحزبين على رسل الله، هم عما قليل يهزمون ويولون الأدبار، فلا تبال بما يقولون، ولا تكترث بما يهذون.. ثم أخبر تعالى عما نال أسلافهم الكفار من العذاب والدمار فقال :
[ كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد ] أي كذب قبل كفار قريش، أمم كثيرون منهم قوم نوح، وقوم هود وهم قبيلة (عاد) وفرعون الجبار، ذو الملك الثابت بالأوتاد أو ذو الجموع الكثيرة، قال بعض المفسرين : سمي بذي الأوتاد لأنه كان يوتد من يريد تعذيبه بأربعة أوتاد في يديه ورجليه ويتركه حتى يموت وقيل : لأنه صاحب الأهرامات والمباني العظيمة الثابتة التي تقوم في الأرض كالأوتاد
[ وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة ] أي وكذبت ثمود وهم (قوم صالح )، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة أي الشجر الكثير الملتف وهم (قوم شعيب )
[ أولئك الأحزاب ] أي أولئك هم الكفار الذين تحزبوا على رسلهم فأهلكهم الله، فليحذر هؤلاء المكذبون لرسول الله أن يصيبهم ما أصاب أسلافهم
[ إن كل إلا كذب الرسل ] أي ما كل من هؤلاء الأحزاب والأمم، إلا كذب رسوله الذي أرسل إليه
[ فحق عقاب ] أي فثبت ووجب عليهم عقابي، وحذفت الياء مراعاة لرءوس الآيات
[ وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ] أي وما ينتظر هؤلاء المشركون كفار مكة، إلا نفخة واحدة ينفخ فيها إسرافيل في الصور فيصعقون
[ ما لها من فواق ] أي ليس لها من توقف ولا تكرار، قال ابن عباس : أي ما لها من رجوع قال المفسرون : أي إن هذه الصيحة إذا جاءت لا تستأخر ولو فترة قصيرة، مقدار فواق ناقة وهي المسافة بين الحلبتين، لأنها تجيء في موعدها المحدد، الذي لا يتقدم ولا يتأخر، قال الزمخشري : يريد أنها نفخة واحدة فحسب لا تثنى ولا تردد