[ وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ] أي وقال كفار مكة على سبيل الاستهزاء والسخرية : عجل لنا يا ربنا نصيبنا من العذاب الذي وعدتنا به، ، قبل أن يجيء يوم القيامة، إن كان الأمر كما يقول محمد، قال المفسرون : وإنما قالوا هذا على سبيل الاستهزاء، كقوله تعالى :[ ويستعجلونك بالعذاب ] قال تعالى لرسوله :
[ اصبر على ما يقولون ] أي اصبر يا محمد على تكذيبهم، فإن الله ناصرك عليهم، قال الصاوي : وفيه تسلية للرسول(ص)، وتهديد للكفار
[ واذكر عبدنا داود ذا الأيد ] أي وتذكر عبدنا داود، ذلك النبي الشاكر الصابر، ذا القوة في الدين، والقوة في البدن، فقد كان يصوم يوما ويفطر يوما، وكان يقوم نصف الليل
[ إنه أواب ] أي كثير الرجوع والإنابة إلى الله، والأواب : الرجاع الى الله، قال أبو حيان : لما كانت مقالة المشركين تقتضي الاستخفاف بالدين، أمر تعالى نبيه بالصبر على أذاهم، وذكر قصصا للأنبياء (داود، وسليمان، وأيوب ) وغيرهم، وما عرض لهم فصبروا، حتى فرج الله عنهم، وصارت عاقبتهم أحسن عاقبة، فكذلك أنت تصبر ويئول أمرك إلى أحسن مآل
[ إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق ] أي سخرنا الجبال لداود تسبح معه في المساء والصباح، وتسبح الجبال حقيقة وكان معجزة لداود عليه السلام كما قال تعالى :[ يا جبال أوبي معه والطير ]
[ والطير محشورة كل له أواب ] أي وسخرنا له الطير مجموعة إليه تسبح معه، كل من الجبال والطير رجاع إلى طاعته تعالى، بالتسبيح والتقدير، قال ابن كثير : كانت الطير تسبح بتسبيحه وترجع بترجيعه، إذا مر به الطير وهو سابح في الهواء فسمعه يترنم بقراءة الزبور يقف في الهواء، ويسبح معه، وكذلك الجبال الشامخات كانت ترتجع معه وتسبح تبعا له، قال قتادة :[ أواب ] أى مطيع
[ وشددنا ملكه ] أي قوينا ملكه وثبتناه بالهيبة والنصرة وكثرة الجنود
[ وآتيناه الحكمة ] أي أعطيناه النبوة والفهم والإصابة في الأمور
[ وفصل الخطاب ] أي الكلام البين الذي يفهمه من يخاطب به قال مجاهد : يعني إصابة القضاء وفهمه وقال القرطبي : البيان الفاصل بين الحق والباطل قال المفسرون : كان ملك داود قويا عزيزا، وكان يسوسه بالحكمة والحزم معا، ويقطع ويجزم برأي لا تردد فيه، مع الحكمة والقوة، وذلك غاية الكمال في الحكم والسلطان
[ وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ] هذا الإستفهام للتعجيب وتشويق السامع الى ما يلقى إليه، كما تقول لجليسك : هل نعلم ما وقع اليوم ؟ تريد تشويقه لسماع كلامك، والمعنى : هل أتاك يا محمد خبر الجماعة المتنازعين الذين تسوروا على داود مسجده، في وقت اشتغاله بالعبادة والطاعة ؟
[ إذ دخلوا على داود ففزع منهم ] أي حين دخلوا عليه من أعلى السور فخاف وارتعد منهم، قال المفسرون : وإنما فزع داود منهم، لأنهم دخلوا عليه بغير إذن، ودخلوا من غير الباب، في وقت كان قد خصصه للعبادة
[ قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض ] أي لا تخف منا فنحن فوجان مختصمان تعدى بعضنا على بعض
[ فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ] أي فاحكم بيننا بالعدل، ولا تجر ولا تظلم في الحكم
[ واهدنا الى سواء الصراط ] أي وأرشدنا إلى وسط الطريق يعني إلى الطريق الحق الواضح