[ وليتذكر أولوا الألباب ] أي وليتعظ بهذا القرآن أصحاب العقول السليمة قال الحسن البصري : والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول : والله لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفا، وقد أسقطه والله كله، ما يرى للقرآن عليه أثر، في خلق ولا عمل ٠٠ اللهم اجعلنا ممن قرأه وتدبره وعمل بما فيه
[ ووهبنا لداود سليمان ] شروع في بيان قصة سليمان بن داود عليهما السلام أي رزقنا عبدنا داود الولد الصالح المسمى " سليمان " وأعطيناه النبوة، قال المفسرون : المراد بالهبة هنا هبة النبوة كما قال تعالى :[ وورث سليمان داود ] أي في النبوة، وإلا فقد كان له أولاد كثيرون غيره
[ نعم العبد إنه أواب ] أي نعم العبد (سليمان ) فإنه كان كثير الرجوع الى الله بالتوبة والإنابة
[ إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ] أي اذكر حين عرض على سليمان عشية يوم من الأيام - أي بعد العصر - الخيل الواقفة على طرف الحافر، السريعة الجري، قال الرازي : وصفت تلك الخيل بوصفين : الأول : الصفون وهو صفة دالة على فضيلة الفرس، والثاني : الجياد وهي الشديدة الجري، والمراد وصفها بالفضيلة والكمال في حالي الوقوف والحركة، فإذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعا في جريها
[ فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي ] أي آثرت حب الخيل حتى شغلتني عن ذكر الله، قال المفسرون : عرضت عليه آلاف من الخيل تركها له أبوه، فأجريت بين يديه عشيا فتشاغل بحسنها وجريها ومحبتها عن ذكر له خاص حتى غابت الشمس
[ حتى توارت بالحجاب ] أي حتى غابت الشمس واختفت عن الأنظار
[ ردوها علي ] أي قال سليمان ردوا هذه الخيل علي
[ فطفق مسحا بالسوق والأعناق ] أي فشرع يذبحها ويقطع أرجلها تقربا إلى الله، لتكون طعاما للفقراء لأنها شغلته عن ذكر الله، قال الحسن : لما ردت عليه قال : لا والله لا تشغليني عن طاعة ربي، ثم أمر بها فعقرت، وكذلك قال السدي، وأما قول من قال : إنها شغلته عن صلاة العصر حتى غابت الشمس فضعيف، لأنه لا يتصور من نبي أن يترك صلاة العصر من أجل اشتغاله بالدنيا، والنص صريح [ عن ذكر ربى ] (( روي عن ابن عباس أنه قال : جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبا لها وتكرمة، وهذا القول اختاره ابن جرير، والأظهر قول الحسن البصري والسدي أنه ضرب أعناقها بالسيف ونحرها لأنها شغلته عن طاعة، ولهذا عوضه الله ما هو خير منها الريح التي هي اسرع من الخيل، وما نحرها لإتلاف المال، لانما لتكون طعاما للمساكين )).