[ قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم ] أي قال الأتباع للرؤساء الطغاة الذين أضلوهم : بل أنتم لا أهلا بكم ولا مرحبا، قال المفسرون : عندما يدخل الأتباع جهنم، تتلقاهم الرؤساء بقولهم :[ لا مرحبا بكم ] أي لا تلقون هنا رحبا ولا خيرا- وهذه تحية أهل النار - كما قال تعالى :[ كلما دخلت أمة لعنت أختها ] فعند ذلك يقول لهم الداخلون :[ بل أنتم لا مرحبا بكم ] وهذا على حد قول القائل " تحية بينهم ضرب وجيع " فكذلك أهل النار يتلقون بعضهم باللعنات والشتائم، بدل التحايا والسلام، ثم يعلل الأتباع ذلك بقولهم :
[ أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار ] أي أنتم قدمتم لنا هذا العذاب، وكنتم السبب في ضلالنا، فبئس المنزل والمستقر لنا ولكم نار جهنم
[ قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار ] هذا أيضا من كلام الأتباع دعوا الله أن يضاعف العذاب لرؤسائهم، الذين أوجبوا لهم العذاب، فهو كقولهم [ ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا في النار ] والضعف زيادة المثل قال البيضاوي : وقال الأتباع أيضا :[ ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا ] أي مضاعفا وذلك أن يزيد على عذابه مثله فيصير ضعفين
[ وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار ] ؟ أي وقال الطغاة من رؤساء الكفر وأئمة الضلال : ما لنا لا نرى في النار، هؤلاء الذين كنا نعدهم في الدنيا من الأشرار ؟ يعنون بهم المومنين، قال ابن عباس : يريدون أصحاب محمد (ص) يقول أبو جهل : أين بلال ؟ أين صهيب ؟ أين عمار ؟ أولئك فى الفردوس ! واعجبا لأبي جهل ! مسكين، أسلم ابنه عكرمة، وابنته جويرية، وأسلمت أمه، وأسلم أخوه، وكفر هو قال ابن كثير : هذا إخبار عن الكفار في النار، إنهم يفتقدون رجالا كانوا يعتقدون أنهم على الضلالة وهم المؤمنون، يقول أبو جهل : ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وفلانا وفلانا ؟ وهذا ضرب مثل وإلا فكل الكفار هذا حالهم، يعتقدون أن المؤمنين يدخلون النار، فلما دخلها الكفار افتقدوهم فلم يجدوهم ثم قالوا :
[ أتخدناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار ] ؟ أي يؤنبون أنفسهم قائلين : أجعلنا هؤلاء المؤمنين في الدنيا هزوا وسخرية ؟ أم هم معنا في النار ولكن لا نراهم ؟ قال البيضاوي : إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستسخار من المؤمنين، كأنهم قالوا : ليسوا ههنا في النار ؟ أم مالت عنهم أبصارنا فلا نراهم ؟ قال تعالى :
[ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ] أي إن هذا الذي أخبرناك به يا محمد، من أقوال أهل النار وتخاصمهم، لهو الحق الذي لا بد وأن يتكلموا به، فنحن نخبرك عن تخاصمهم في جهنم، وعن أقوالهم وهم فيها، قال الرازي : وإنما سمى الله تعالى تلك الكلمات تخاصما لأن قول الرؤساء [ لا مرحبا بهم ] وقول الأتباع :[ بل أنتم لا مرحبا بكم ] من باب الخصومة
[ قل إنما أنا منذر ] هذا شروع في بيان مهمة الرسول (ص) وفي إثبات الوحدانية، والمعاد، والجزاء، أي قل يا أيها الرسول لهؤلاء المشركين : إنما أنا رسول من رب العالمين، أنذركم وأخوفكم من عذابه، إن لم تؤمنوا، ولست بساحر ولا شاعر ولا كاهن
[ وما من إله إلا الله الواحد القهار ] أي وليس لكم رب ولا معبود إلا الواحد الأحد، الغالب على خلقه، القاهر لكل شيء
[ رب السموات والأرض وما بينهما ] أى خالق جميع ما في الكون من الخلائق والعجائب، والمتصرف فيها بالإيجاد والإعدام


الصفحة التالية
Icon