[ أليس في جهنم مثوي للكافرين ] ؟ أي أليس في جهنم مقام ومسكن لهؤلاء الكافرين المكذبين ؟ والاستفهام هنا تقريري، أي بلى لهم مأوى ومكان
[ والذى جاء بالصدق وصدق به ] أي وأما الذين جاءوا بالصدق وهم (الأنبياء) والذين صدقوا به وهم (المؤمنون )أتباع الرسل
[ أولئك هم المتقون ] أي فأولئك الموصوفون بالصفات الحميدة، هم أهل التقوى والصلاح، الذين يستحقون كل إحسان وإكرام
[ لهم ما يشاءون عند ربهم ] أي لهم كل ما يشتهون في الجنة من الحور، والقصور، والملاذ، والنعيم
[ ذلك جزاء المحسنين ] أي ذلك الذي ينالونه هو ثواب كل محسن، أحسن في هذه الحياة، قال بعض المفسرين :[ الذي جاء بالصدق ] هو محمد، [ وصدق به ] هو أبو بكر رضي الله عنه، والإختيار أن يكون على العموم، حتى يشترك في هذه الصفة كل الرسل الكرام، وكل من دعا إلى هذا الصدق، عن عقيدة وإيمان من إتباع الرسل، ويدل عليه [ أولئك هم المتقون ] بصيغة الجمع، وهذا إختيار ابن عطية
[ ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ] أي هؤلاء الذين صدقوا الأنبياء سيغفر الله لهم ما أسلفوا من الأعمال السيئة، فلا يعاقبهم بها
[ ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون ] أي ويثيبهم على طاعاتهم في الدنيا، بحساب الأحسن الذي عملوه، فضلا منه وكرما، قال المفسرون : العدل أن تحسب الحسنات وتحسب السيئات، ثم يكون الجزاء، والفضل هو ما يتفضل الله به على عباده المتقين، فيكفر عنهم أسوأ أعمالهم، فلا يبقى لها حساب في ميزانهم، وأن يجزيهم أجرهم بحساب أحسن الأعمال، فتزيد حسناتهم وتعلو وترجح كفة الميزان، وهذا من زيادة الكرم والإحسان
[ أليس الله بكاف عبده ] ؟ الهمزة للتقرير، أي أليس الله كافيا عبده ورسوله محمدا(ص)، من شر من يريده بسوء ؟ وهذه تسلية لرسول الله(ص)، عما قالت له قريش : لتكف عن شتم آلهتنا، أو ليصيبنك منها خبل أو جنون وقال أبو حيان : قالت قريش : لئن لم ينته محمد عن سب آلهتنا وتعييبنا، لنسلطنها عليه فتصيبه بخبل وتعتريه بسوء، فأنزل الله [ أليس الله بكافي عبده ] أي هو كافي عبده، وإضافته إليه تشريف عظيم لنبيه
[ ويخوفونك بالذين من دونه ] أي ويخوفونك يا محمد بهذه الأوثان، التي لا تضر ولا تنفع
[ ومن يضلل الله فما له من هاد ] أي ومن أشقاه الله وأضله فلن يهديه أحد كائنا من كان
[ ومن يهد الله فما له من مضل ] أي ومن أراد الله سعادته فهداه إلى الحق، ووفقه لسلوك طريق المهتدين، فلن يقدر أحد على إضلاله
[ أليس الله بعزيز ذي إنتقام ] ؟ أي هو تعالى منيع الجناب، لا يضام من لجأ إلى بابه، وهو القادر على أن ينتقم من أعدائه لأوليائه، لأنه غالب لا يغلب، ذو إنتقام من أعدائه، وفي الآية وعيد للمشركين، ووعد للمؤمنين
[ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ] هذه الآية إقامة برهان على تزييف طريقة عبدة الأوثان أي ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين، عمن خلق السموات والأرض ؟ ليقولن (الله ) خالقهما، لوضوح الدليل على تفرده تعالى بالخالقية، قال الرازي : إن العلم بوجود الله القادر الحكيم، لا نزاع فيه بين جمهور الخلائق، وفطرة العقل شاهدة بصحة هذا العلم، فإن من تأمل في عجائب أحوال السموات والأرض، وفي عجائب أحوال النبات والحيوان، وفي عجائب بدن الإنسان وما فيه من أنواع الحكم الغريبة، والمصالح العجيبة، علم أنه لابد من الاعتراف، بالإله القادر، الحكيم الرحيم، ولهذا أقر المشركون بوجود الله
[ قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله ] أي قل لهم يا محمد توبيخا وتبكيتا : أخبروني - بعد أن تحققتم أن خالق العالم هو الله - عن هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله