[ إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره ] ؟ أخبروني لو أراد الله أن يصيبني بشدة أو بلاء، هل تستطيع هذه الأصنام أن تدفع عنى ذلك السوء والضر ؟
[ أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته ] ؟ أي ولو أراد الله بي نفعا، من نعمة ورخاء، هل تستطيع أن تمنع عني هذه الرحمة ؟ والجواب محذوف لدلالة الكلام عليه، يعني فسيقولون : لا، لا تكشف السوء، ولا تمنع الرحمة
[ قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون ] أي الله كافيني فلا ألتفت إلى غيره، وعليه وحده يعتمد المعتمدون، والغرض الاحتجاج على المشركين في عبادة ما لا يضر ولا ينفع، وإقامة البرهان على الوحدانية
[ قل يا قوم اعملوا على مكانتكم ] أي اعملوا على طريقتكم، من المكر والكيد والخداع
[ إني عامل ] أي إني عامل على طريقتي، من الدعوة إلى الله وإظهار دينه
[ فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ] أي فسوف تعلمون لمن سيكون العذاب، الذي يذل ويخزي الإنسان
[ ويحل عليه عذاب مقيم ] أي وينزل عليه عذاب دائم لا ينقطع وهو عذاب النار، هل هذا العذاب سيصيبنى أو يصيبكم ؟ والغرض التهديد والتخويف، قال أبو السعود : وفي الآية مبالغة في الوعيد، وإشعار بأن حاله عليه السلام لا تزال تزداد قوة بنصر الله وتأييده، وفي خزي أعدائه دليل غلبته عليه الصلاة والسلام، وقد عذبهم الله وأخزاهم يوم بدر
[ إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق ] أي نحن أنزلنا عليك يا محمد هذا القرآن، المعجز فى بيانه، الساطع في برهانه، لجميع الخلق، بالحق الواضح الذي لا يلتبس به الباطل
[ فمن إهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ] أي فمن إهتدى فنفعه يعود عليه، ومن ضل فضرر ضلاله لا يعود إلا عليه
[ وما أنت عليهم بوكيل ] أي لست بموكل عليهم، حتى تجبرهم على الإيمان قال الصاوى : وفي هذه تسلية لرسول الله (ص) والمعنى : ليس هداهم بيدك حتى تقهرهم وتجبرهم عليه، وإنما هو بيدنا، فإن شئنا هديناهم، وإن شئنا أبقيناهم على ما هم عليه من الضلال
[ الله يتوفى الأنفس حين موتها ] أي يقبضها من الأبدان عند فناء آجالها وهي (الوفاة الكبرى)
[ والتي لم تمت في منامها ] أي ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها، وهي (الوفاة الصغرى) قال في التسهيل : هذه الآية للاعتبار ومعناها أن الله يتوفى النفوس على وجهين : أحدهما : وفاة كاملة حقيقية وهي الموت، والأخر : وفاة النوم لأن النائم كالميت، في كونه لا يبصر ولا يسمع، ومنه قوله تعالى :[ وهو الذي يتوفاكم بالليل ] وفي الآية عطف والتقدير : ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها وقال ابن كثير : أخبر تعالى بأنه المتصرف في الوجود كما يشاء، وأنه يتوفى الأنفس الوفاة الكبرى، بما يرسل من الحفظة - الملائكة - الذين يقبضونها من الأبدان، والوفاة الصغرى عند المنام
[ فيمسك التي قضى عليها الموت ] أي فيمسك الروح التي قضى على صاحبها الموت، فلا يردها إلى البدن
[ ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ] أي ويرسل الأنفس النائمة إلى بدنها عند اليقظة، إلى وقت محدود، هو أجل موتها الحقيقي، قال ابن عباس : إن أرواح الأحياء والأموات تلتقى في المنام، فتتعارف ما شاء الله لها، فإذا أرادت الرجوع إلى أجسادها، أمسك الله أرواح الأموات عنده، وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها قال القرطبي : وفي الآية تنبيه على عظيم قدرته تعالى، وإنفراده بالألوهية، وأنه يحيي ويميت، ويفعل ما يشاء، لا يقدر على ذلك سواه، ولهذا قال :
[ إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ] أي إن في هذه الأفعال العجيبة، لعلامات واضحة قاطعة، على كمال قدرة الله وعلمه، لقوم يجيلون أفكارهم فيها فيعتبرون ! !


الصفحة التالية
Icon