[ والذي كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون ] أي والذين كذبوا بآيات القرآن الظاهرة، والمعجزات الباهرة، أولئك هم الخاسرون أشد الخسران
[ قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ] ؟ أي قل يا محمد أتأمرونني أن أعبد غير الله ؟ بعد سطوع الآيات والدلائل على وحدانيته ؟ يا أيها الجاهلون ؟ قال ابن كثير : إن المشركين من جهلهم دعوا رسول الله(ص)، إلى عبادة آلهتهم، ويعبدوا معه إلهه، فنزلت الآية
[ ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك ] اللام موطئة للقسم أي والله لقد أوحي الله إليك وإلى الأنبياء قبلك
[ لئن أشركت ليحبطن عملك ] أي لئن أشركت يا محمد ليبطلن ويفسدن عملك الصالح
[ ولتكونن من الخاسرين ] أي ولتكونن في الآخرة من جملة الخاسرين بسبب ذلك.. وهذا على سبيل الفرض والتقدير، وإلا فالرسول (ص) قد عصمه الله، وحاشا له أن يشرك بالله، وهو الذي جاء لإقامة صرح الإيمان والتوحيد، قال أبو السعود والكلام وارد على طريقة الفرض، لتهييج الرسل، وإقناط الكفرة، والإيذان بغاية شناعة الإشراك وقبحه
[ بل الله فاعبد ] أي أخلص العبادة لله وحده، ولا تعبد أحدا سواه
[ وكن من الشاكرين ] أي وكن من الشاكرين لإنعام ربك
[ وما قدروا الله حق قدره ] أي وما عرفوا الله حق معرفته، ولا عظموه حق تعظيمه، قال أبو حيان : أي ما عظموه حق تعظيمه، وما قدروه في أنفسهم حق تقديره، إذ أشركوا معه غيره، وساووا بينه وبين الحجر والوثن في العبادة ! ! ثم نبههم على عظمته وجلالة شأنه فقال :
[ والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ] والمعنى : ما عظموه حق تعظيمه، والحال أنه موصوف بهذه القدرة الباهرة، التي هي غاية العظمة والجلال فالأرض مع سعتها وبسطتها، في قبضة الرحمن يوم القيامة.
[ والسموات مطويات بيمينه ] والسموات مضمومات ومجموعات على سعتها وعظمها مطويات بيمينه، قال الزمخشري : والغرض من هذا الكلام تصوير عظمتة والتوقيف علي كنه جلاله لا غير، من غير ذهاب بالقبضة واليمين إلي جهه وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية، والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف، وفي الحديث (يقبض الله تعالى الأرض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول : أنا الملك، أين ملوك الأرض ) ؟
[ سبحانه وتعالى عما يشركون ] أي تنزه الله وتقدس عما يصفه به المشركون، من صفات العجز والنقص، ثم ذكر تعالى أهوال الآخرة فقال سبحانه :
[ ونفخ في الصور ] هو قرن ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام بأمر الله، والمراد بالنفخة هنا (نفخة الصعق ) التي تكون بعد نفخة الفزع، قال ابن كثير : وهي النفخة الثانية التي يموت بها الأحياء، من أهل السموات والأرض
[ فصعق من في السموات ومن في الأرض ] أي فخر ميتا كل من في السموات والأرض
[ إلا من شاء الله ] أي إلا من شاء الله بقاءه، كحملة العرش، والحور العين، والولدان
[ ثم نفخ فيه أخرى ] أي نفخ فيه نفخة أخرى وهي (نفخة الإحياء)
[ فإذا هم قيام ينظرون ] أي فإذا جميع الخلائق الأموات، يقومون من القبور ينظرون هول الحشر الأكبر
[ وأشرقت الأرض بنور ربها ] أي وأضاءت أرض المحشر، بنور الله يوم القيامة، حين تجلى الباري جل وعلا، لفصل القضاء بين العباد
[ ووضع الكتاب ] أي أحضرت صحائف أعمال الخلائق للحساب
[ وجيء بالنبيبن والشهداء ] أي وجيء بالأنبياء، ليسألهم رب العزة عما أجابتهم به أممهم، وبالشهداء وهم " الحفظة " من الملائكة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم (( هذا قول ابن زيد وهو الأظهر كما في قوله تعالى ﴿وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد﴾ فالسائق يسوقها إلى الحساب، والشاهد يشهد عليها، وهو الملك الموكل بالإنسان )). وقال السدي : هم الذين استشهدوا في سبيل الله