[ وقضي بينهم بالحق ] أي وقضي بين العباد جميعا، بالقسط والعدل
[ وهم لا يظلمون ] أي وهم في الآخرة لا يظلمون شيئا من أعمالهم، لا بنقص ثواب، ولا بزيادة عقاب، قال ابن جبير : لا ينقص من حسناتهم، ولا يزاد على سيئاتهم
[ ووفيت كل نفس ما عملت ] أي جوزي كل إنسان بما عمل، من خير أو شر
[ وهو أعلم بما يفعلون ] أي هو تعالى أعلم بما عمل كل إنسان، لا حاجة به إلى كتاب ولا إلى شاهد، ومع ذلك تشهد الكتب إلزاما للحجة.. ثم فضل تعالى مآل كل من الأشقياء والسعداء، فقال سبحانه :
[ وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا ] أي وسيق الكفرة المجرمون إلى نار جهنم، جماعات جماعات، كما يساق الأشقياء في الدنيا إلى السجون
[ حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها ] أي حتى إذا وصلوا إليها فتحت أبواب جهنم فجأة لتستقبلهم
[ وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم ] ؟ أي وقال لهم خزنة جهنم، تقريعا وتوبيخا : ألم يأتكم رسل من البشر ؟ يتلون عليكم الكتب المنزلة من السماء ؟
[ وينذرونكم لقاء يومكم هذا ] ؟ أي ويخوفونكم من شر هذا اليوم العصيب ؟
[ قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ] أي قالوا : بلى قد جاءونا وأنذرونا، وأقاموا علينا الحجج والبراهين، ولكننا كذبناهم وخالفناهم، لما سبق لنا من الشقاوة، قال القرطبي : وهذا إعتراف منهم بقيام الحجة عليهم، والمراد بكلمة العذاب، قوله تعالى [ لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ]
[ قيل أدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها ] أي قيل لهم : ادخلوا جهنم لتصلوا سعيرها ماكثين فيها أبدا، بلا زوال ولا إنتقال
[ فبئس مثوى المتكبرين ] أي فبئس المقام والمأوى والمسكن (جهنم ) للمتكبرين عن الإيمان بالله، وتصديق رسل الرحمن ! ؟
[ وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ] أي وسيق الأبرار المتقون لله، إلى الجنة جماعات، جماعات، راكبين على النجائب، قال القرطبي : سوق أهل النار طردهم إليها بالخزي والهوان، كما يفعل بالمجرمين الخارجين على السلطان، وسوق أهل الجنان سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان، لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين، كما يفعل بالوافدين على الملوك، فشتان ما بين السوقين
[ حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ] أي حتي إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها، كقوله تعالى :[ جنات عدن مفتحة لهم الأبواب ] قال الصاوي : والحكمة في زيادة الواو هنا [ وفتحت ] دون التي قبلها، أن أبواب السجون تكون مغلقة إلى أن يجيئها أصحاب الجرائم، فتفتح لهم ثم تغلق عليهم، بخلاف أبواب السرور والفرح، فإنها تفتح إنتظارا لمن يدخلها، فناسب دخول (الواو) هنا دون التى قبلها
[ وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ] أي وقال لهم حراس الجنة : سلام عليكم أيها المتقون الأبرار [ طبتم ] أي طهرتم من دنس المعاصي والذنوب، فادخلوا الجنة دار الخلود، قال البيضاوى ؟ وجواب " إذا " محذوف، للدلالة على أن لهم من الكرامة والتعظيم، ما لا يحيط به الوصف والبيان قال ابن كثير : وتقديره إذا كان هذا سعدوا، وطابوا، وسروا وفرحوا، بقدر ما يكون لهم من النعيم
[ وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده ] أي وقالوا عند دخولهم الجنة، واستقرارهم فيها : الحمد لله الذي حقق لنا ما وعدنا به من دخول الجنة، والإشارة إلى وعده تعالى لهم بقوله :[ تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ]
[ وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء ] أي وملكنا أرض الجنة نتصرف فيها تصرف المالك في ملكه، وننزل فيها حيث نشاء، لا ينازعنا فيها أحد
[ فنعم أجر العاملين ] أي فنعم أجر العاملين بطاعة الله الجنة
[ وترى الملائكة حافين من حول العرش ] أي وترى يا أيها الرسول الملائكة محيطين بعرش الرحمن، محدقين به من كل جانب


الصفحة التالية
Icon