[ واق ] دافع يدفع عنهم العذاب. تفسير سورة غافر
التفسير :
[ حم ] الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن، وللإرشاد على أن هذا القرآن المعجز منظوم من أمثال. هذه الحروف الهجائية
[ تنزيل الكتاب من الله ] أي هذا القرآن تنزيل من الله
[ العزيز العليم ] أي العزيز في ملكه، العليم في خلقه
[ غافر الذنب وقابل التوب ] أي الذي يعفو عن ذنوب العباد، ويقبل توبة العصاة لمن تاب منهم وأناب
[ شديد العقاب ] أي شديد العقاب لمن تكبر وطغى، وأعرض عن طاعة المولى
[ ذي الطول ] أي ذي الفضل والإنعام
[ لا إله إلا هو ] أي لا معبود بحق إلا الله، ولا رب في الوجود سواه
[ إليه المصير ] أي إليه وحده مرجع الخلائق فيجازيهم بأعمالهم، وإنما قدم المغفرة والتوبة على العقاب، للإشارة إلى سعة الفضل وأن رحمته سبقت عذابه.. ثم لما ذكر أن القرآن هداية الله للعالمين، أعقبه بذكر المجادلين المعاندين فقال
[ ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ] أي ما يدفع الحق ويجادل في هذا القرآن - بعد وضوح آياته وظهور إعجازه - إلا الجاحدون لآيات الله، المعاندون لرسله
[ فلا يغررك تقلبهم في البلاد ] أي فلا تغتر أيها العاقل بتصرفهم وتقلبهم في هذه الدنيا، بالمساكن والمزارع، والممالك والتجارات، فإنهم أشقى الناس، وما هم عليه من النعيم متاع قليل، وظل زائل، فإني وإن أمهلتهم لا أهملهم، بل آخذهم بعد ذلك النعيم أخذ عزيز مقتدر، قال في التسهيل : والآية تسلية للنبي (ص) ووعيد شديد للكفار
[ كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم ] أي كذب قبل كفار مكة أقوام كثيرون، منهم قوم نوح، والأمم الذين تحزبوا على أنبيائهم، ولم يقبلوا ما جاءوا به من عند الله، كقوم عاد، وثمود، وفرعون وأمثالهم
[ وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ] أي وهمت كل أمة من الأمم المكذبين، أن يقتلوا رسولهم ويبطشوا به، قال ابن كثير : أي حرصوا على قتله بكل ممكن ومنهم من قتل رسوله
[ وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ] أي جادلوا رسلهم بالباطل ليزيلوا ويبطلوا به الحق الواضح الجلي
[ فأخدتهم ] أي فأهلكتهم إهلاكا مريعا
[ فكيف كان عقاب ] استفهام تعجيب، أي فكيف كان عقابي لهم ؟ ألم يكن شديدا فظيعا ؟
[ وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا ] آي وكذلك وجبت كلمة العذاب على هؤلاء المكذبين من قومك، كما وجبت لمن سبقهم من الكفار
[ أنهم أصحاب النار ] أي لأنهم أهل النار، قال الطبري : أي كما حق على الأمم التي كذبت رسلها وحل بها عقابي، كذلك وجبت كلمة العذاب على الذين كفروا بالله من قومك، لأنهم أصحاب النار.. ثم ذكر تعالى حال الملائكة الأطهار، والمؤمنين الأبرار، بعد أن ذكر حال الكفار والفجار فقال
[ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ] أي هؤلاء العباد المقربون - حملة العرش - ومن حول العرش من أشراف الملائكة وأكابرهم، ممن لا يحصي عددهم إلا الله، هم في عبادة دائبة لله، ينزهونه عن صفات النقص، ويثنون عليه بصفات الكمال
[ ويؤمنون به ] أي ويصدقون بوجوده تعالى، وبأنه لا إله لهم سواه، ولا يستكبرون عن عبادته قال الزمخشري : فإن قلت : ما فائدة قوله [ ويؤمنون به ] ولا يخفى أن حملة العرش وجميع الملائكة يؤمنون بالله ؟ فالجواب أن ذلك إظهار لفضيلة الإيمان وشرفه، والترغيب فيه، فإيمانهم بالله، وتعظيمهم له راسخ لا يتزعزع
[ ويستغفرون للذين آمنوا ] أي وهم مع عبادتهم واستغراقهم في تسبيح الله وتمجيده، يطلبون من الله المغفرة للمؤمنين قائلين