[ ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ] أي يا ربنا وسعت رحمتك وعلمك كل شىء قال المفسرون : وفي وصف الله تعالى بالرحمة والعلم - وهو ثناء قبل الدعاء - تعليم العباد أدب السؤال والدعاء، فهم يبدأون دعاءهم بأدب، ويستمطرون إحسانه وفضله وإنعامه
[ فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ] أي فأصفح عن المسيئين المذنبين، التائبين عن الشرك والمعاصي، المتبعين لسبيل الحق الذي جاء به أنبياؤك ورسلك
[ وقهم عذاب الجحيم ] أي واحفظهم من عذاب جهنم
[ ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ] أي أدخلهم جنات النعيم والإقامة التي وعدتهم إياها
[ ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ] آي وأدخل الصالحين من الآباء والأزواج والأولاد في جنات النعيم أيضا ليتم سرورهم بهم قال ابن كثير : اي اجمع بينهم وبينهم لتقر بذلك أعينهم، بالاجتماع في الجنة بمنازل متجاورة
[ إنك أنت العزيز الحكيم ] أي العزيز الذي لا يغلب ولا يمتنع عليه شىء، الحكيم الذي لا يفعل إلا ما فيه الحكمة والمصلحة
[ وقهم السيئات ] هذا من تمام دعاء الملائكة أي احفظهم يا رب من فعل المنكرات وإلىواحش التي توبق أصحابها
[ ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته ] أي ومن حفظته من نتائجها وعواقبها يوم القيامة، فقد لطفت به ونجيته من العقوبة
[ وذلك هو الفوز العظيم ] أي وذلك الغفران ودخول الجنان، هو الظفر العظيم الذي لا ظفر مثله.. ولما تحدث عن أحوال المؤمنين، ذكر شيئا من أحوال الكافرين، فقال سبحانه
[ إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم ] أي تناديهم الملائكة يوم القيامة على جهة التوبيخ والتقريع : لبغض الله الشديد لكم في الدنيا، أعظم من بغضكم اليوم لأنفسكم
[ إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون ] آي حين كنتم تدعون إلى الإيمان فتكفرون بالله ورسله، كبرا وعتوا قال قتادة : بغض الله لأهل الضلالة حين عرض عليهم الإيمان في الدنيا فأبوا أن يقبلوه، أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله
[ قالوا ربنا أمتنا إثنتين وأحييتنا إثنتين ] أي قال الكفار لما رأوا الشدائد والأهوال : يا ربنا أمتنا مرتين، وأحييتنا مرتين
[ فاعترفنا بذنوبنا ] أي فاعترفنا بما جنيناه من الذنوب في الدنيا
[ فهل إلى خروج من سبيل ] أي فهل تردنا إلى الدنيا لنعمل بطاعتك ؟ وهل تخرجنا من النار لنسلك طريق الأبرار ؟ قال المفسرون : الموتة الأولى حين كانوا في العدم، والموتة الثانية حين ماتوا في الدنيا، والحياة الأولى حياة الدنيا، والحياة الثانية حياة البعث يوم القيامة، فهاتان موتتان وحياتان، وإنما قالوا ذلك على سبيل التعطف والتوسل الن رضى الله، بعد أن عاينوا العذاب، وقد كانوا يكفرون وينكرون، ولهذا جاء الجواب
[ ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ] أي ذلكم العذاب والخلود في نار جهنم، بسبب كفركم وعدم إيمانكم بالله، فإذا دعيتم إلى التوحيد كفرتم
[ وإن يشرك به تؤمنوا ] وإن دعيتم إلى اللات والعزى وأمثالهما من الأصنام، آمنتم وصدقتم بألوهيتها
[ فالحكم لله العلى الكبير ] أي فالقضاء لله وحده، لا للأوثان والأصنام، ، ولا سبيل إلى نجاتكم، لأن الله هو المتعالي على خلقه، العظيم في ملكه، الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.. ولما ذكر تعالى ما يوجب التهديد الشديد للمشركين، أردفه بذكر ما يدل على كمال قدرته وحكمته، ليصير بمنزلة البرهان على عدم جواز عبادة الأوثان، فقال سبحانه
[ هو الذي يريكم آياته ] أي الله جل وعلا هو الذي يريكم ايها الناس، العلامات الدالة على قدرته الباهرة في مخلوقاته، في العالم العلوي والسفلي، الدالة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها