[ وينزل لكم من السماء رزقا ] أي وينزل لكم من السماء المطر، الذي هو سبب للرزق، به تخرج الزروع والثمار
[ وما يتذكر إلا من ينيب ] أي وما يعتبر ويتعظ بهذه الآيات الباهرة، إلا من يرجع إلى الله بالتوبة والإنابة، والعمل الصالح، البعيد عن الرياء والنفاق
[ فادعوا الله مخلصين له الدين ] أي فاعبدوا الله أايها المؤمنون، مخلصين لربكم العبادة والطاعة، ولا تعبدوا معه غيره
[ ولو كره الكافرون ] هذا للمبالغة أي اعبدوه واخلصوا له قلوبكم، حتى ولو كره الكافرون ذلك، وغاظهم إخلاصكم وقاتلوكم عليه
[ رفيع الدرجات ] أي عظيم الشأن والسلطان، صاحب الرفعة والمقام العالي
[ ذو العرش ] اي صاحب العرش العظيم، الذي هو أعظم المخلوقات، ولا شيء يشبهه من مخلوقات الله قال ابن كثير : أخبر تعالى عن عظمته وكبريائه، وارتفاع عرشه العظيم، العالي على جميع مخلوقاته كالسقف لها، وقد ذكر أن العرش من ياقوتة حمراء ولا يعلم سعته إلا الله وقال أبو السعود : وكون العرش العظيم المحيط بأكناف العالم العلوي والسفلي، تحت ملكوته وقبضة قدرته، مما يقضي بكون علو شأنه وعظم سلطانه، في غاية لا غاية وراءها
[ يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ] أي ينزل الوحي على من شاء من خلقه، ويكرم بالرسالة والنبؤة من أراد من عباده، وإنما سمى الوحي (روحا) لأنه يسري في القلوب كسريان الروح في الجسد قال القرطبي : سماه روحا لأن الناس يحيون به من موت الكفر، كما تحيا الأبدان بالأرواح
[ لينذر يوم التلاق ] أي ليخوف الرسول الموحى إليه يوم القيامة الكبرى، حيث يلتقي العباد جميعا، ليحاسبوا على أعمالهم، ويلتقي الخلق بالخالق في ساعة الحساب قال قتادة : يلتقي فيه أهل السماء بأهل الأرض، والخالق والخلق
[ يوم هم بارزون ] أي يوم هم ظاهرون بادون للعيان، لا شيء يكنهم ولا يظلهم، ولا يسترهم من جبل! أو أكمة أو بناء، لأنهم في أرض مستوية هي أرض المحشر
[ لا يخفى على الله منهم شيء ] أي لا يخفى على الله شيء من أحوالهم وأعمالهم، ولا من سرائرهم وبواطنهم قال الصاوي : والحكمة في تخصيص ذلك اليوم - مع أن الله لا يخفى عليه شيء في سائر الأيام - أنهم كانوا يتوهمون في الدنيا، إنهم إذا استتروا بالحيطان مثلا، لا يراهم الله، وفي هذا اليوم لا يتوهمون هذا التوهم
[ لمن الملك اليوم ] ؟ أي ينادي الله سبحانه والناس بارزون في أرض المحشر : لمن الملك اليوم ؟ ويسكت الخلائق هيبة لله تعالى وفزعا، فيجيب تعالى نفسه قائلا
[ لله الواحد القهار ] أي لله المتفرد بالملك، الذي قهر بالغلبة كل ما سواه قال الحسن : هو تعالى السائل وهو المجيب، لأنه يقول ذلك حين لا أحد يجيبه، فيجيب نفسه
[ آليوم تجزى كل نفس بما كسبت ] أي في ذلك اليوم - يوم القضاء وإلىصل بين العباد - تجازى كل نفس بما عملت من خير أو شر
[ لا ظلم اليوم ] أي لا يظلم أحد شيئا، لا بنقص ثواب، ولا بزيادة عقاب
[ إن الله سريع الحساب ] أي سريع حسابه، لا يشغله شأن عن شأن، فيحاسب الخلائق جميعا في وقت واحد قال القرطبي : كما يرزقهم في ساعة واحدة، يحاسبهم كذلك في ساعة واحدة، وفي الخبر :" لا ينتصف النهار حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار "
[ وأنذرهم يوم الأزفة ] أي خوفهم ذلك اليوم الرهيب يوم القيامة قال ابن كثير :" الآزفة " اسم من أسماء القيامة، سميت بذلك لقربها كقوله تعالى [ أزفت الأزفة ]
[ إذ القلوب لدى الحناجر ] أي تكاد قلوبهم لشدة الخوف والجزع تبلغ الحناجر - وهى الحلوق - مكان البلعوم