[ كاظمين ] أي ممتلئين غما وحسرة شأن المكروب قال في التسهيل : معنى الآية أن القلوب قد صعدت من الصدور، لشدة الخوف حتى بلغت الحناجر، ويحتمل أن يكون ذلك مجازا، عبر به عن شدة الخوف، والحنجرة هي الحلق
[ ما للظالمين من حميم ] أي ليس للظالمين صديق ينفعهم
[ ولا شفيع يطاع ] أي ولا شفيع يشفع لهم لينقذهم من شدة العذاب
[ يعلم خائنة الأعين ] أي يعلم جل وعلا العين الخائنة، بمسارقتها النظر إلى محرم قال ابن عباس : هو الرجل يكون جالسا مع الناس، فتمر المرأة فيسارقهم النظر إليها
[ وما تخفي الصدور ] أي ويعلم السر المستور الذي تخفيه الصدور
[ والله يقضى بالحق ] أي يقضي ويحكم بالعدل
[ والذين يدعون من دونه ] أي والذين يعبدونهم من دون الله من الأوثان والأصنام
[ لا يقضون بشيء ] أي لا حكم لهم أصلا فكيف يكونون شركاء لله ؟ قال أبو السعود : وهذا تهكم بهم، لأن الجماد لا يقال في حقه يقضى أو لا يقضى
[ إن الله هو السميع البصير ] أي هو السميع لأقوال العباد، البصير بأفعالهم
[ أو لم يسيروا في الأرض ] ؟ اي أو لم يعتبر هؤلاء المشركون في أسفارهم بما يرون من آثار المكذبين
[ فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم ] أي فينظروا ما حل بالمكذبين من العذاب والنكال ؟ فإن العاقل من اعتبر بغيره
[ كانوا هم أشد منهم قوة ] أي كانوا أشد قوة من هؤلاء الكفار من قومك
[ وآثارا في الأرض ] أي وأقوى آثارا فى الأرض من الحصون والقصور والجند الأشداء، ومع هذه القوة العظيمة والبأس الشديد، أهلكهم الله لما كذبوا الرسل
[ فأخذهم الله بذنوبهم ] أي أهلكهم الله إهلاكا فظيعا، بسبب إجرامهم وتكذيبهم رسل الله
[ وما كان لهم من الله من واق ] أي وما كان لهم أحد يدفع عنهم عذاب الله، ولا يقيهم من عقابه.. ثم ذكر تعالى سبب عقابه لهم، فقال سبحانه
[ ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات ] أي ذلك العذاب بسبب أنهم كانت تأتيهم رسلهم بالمعجزات الباهرات، والآيات الساطعات الواضحات
[ فكفروا فأخذهم الله ] أي فكفروا مع هذا البيان والبرهان، فأهلكهم الله ودمرهم
[ إنه قوى ] أي إنه تعالى قوي لا يقهر، ذو قوة عظيمة وبأس شديد
[ شديد العقاب ] أي عقابه شديد لمن عصاه، وعذابه أليم وجيع لمن كفر به، أعاذنا الله من عقابه، وأجارنا من عذابه.
قال الله تعالى :[ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين.. ] إلى قوله [ أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ]. من آية (٢٣) إلى نهاية آية (٤٦ ).
المناسبة :
لما ذكر تعالى ما حل بالكفار من العذاب والدمار، أردفه بذكر قصة موسى مع فرعون، تسلية لرسول الله (ص) عما يلقاه من الأذى والتكذيب، وبيانا لسنة الله تعالى في إهلاك الظالمين، ثم ذكر موقف مؤمن آل فرعون ونصيحته لقومه، وهي مواقف بطولية مشرفة في وجه الطغيان.
اللغة :
[ استحيوا ] استبقوا بناتهم على قيد الحياة
[ ضلال ] ضياع وبطلان
[ يكتم ] يخفي، يقال : كتمت عنه الأمر أي أخفيته
[ عدت ] اعتصمت وتحصنت والتجأت
[ ظاهرين ] غالبين مستعلين
[ بأس الله ] عذابه وانتقامه
[ دأب ] عادة وشأن
[ التناد ] يوم القيامة للنداء فيه إلى المحشر، أو لمناداة بعضهم بعضا، قال أمية بن الصلت : وبث الخلق فيها إذ دحاها فهم سكانها حتى التناد
[ عاصم ] مانع ودافع
[ صرحا ] قصرا وبناة عظيما عاليا
[ تباب ] خسران وهلاك
[ لا جرم ] حقا ولا محالة
[ حاق ] نزل وأحاط.
التفسير :
[ ولقد أرسلنا موسى باياتنا وسلطان مبين ] اللام موطئة للقسم أي والله لقد بعثنا رسولنا موسى، بالآيات البينات، والدلائل الواضحات، وبالبرهان البين الظاهر، وهو معجزة اليد والعصا


الصفحة التالية
Icon