[ ما لكم من الله من عاصم ] أي ليس لكم مانع ولا دافع يصرف عنكم عذاب الله
[ ومن يضلل الله فما له من هاد ] أي ومن يضلله الله فليس له من يهديه إلى طريق النجاة
[ ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات ] أي ووالله لقد جاءكم يوسف بن يعقوب من قبل موسى بالمعجزات الظاهرات
[ فما زلتم في شك مما جاءكم به ] أي فلم تزالوا شاكين في رسالته، كافرين بما جاء به من عند الله قال المفسرون : المراد آبأؤكم وأصولكم
[ حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا ] أي حتى إذا مات قلتم على سبيل التشفي والتمني من غير حجة ولا برهان : لن يأتي أحد يدعي الرسالة بعد يوسف قال أبو حيان : وليس هذا تصديقا لرسالة يوسف، كيف وما زالوا فى شك منه، وإنما المعنى : لا رسول من عند الله يرسله، فيبعثه إلى الخلق، ففيه نفي الرسول ونفي بعثته
[ كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب ] أي مثل ذلك الضلال إلىظيع، يضل الله كل مسرف في العصيان، شاك فى الدين، بعد وضوح الحجج والبراهين
[ الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ] هذا من تتمة كلام الرجل المؤمن، والمعنى : الذين يجادلون فى شريعة الله، بغير حجة أو برهان جاءهم من عند الله
[ كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا ] أي عظم بغضا عند الله وعند المؤمنين جدالهم بغير برهان قال في البحر : عدل الواعظ عن مخاطبتهم إلى الإسم الغالب، لحسن محاورته لهم واستجلاب قلوبهم، لئلا يفجأهم بالخطاب، وفي قوله [ كبر مقتا ] ضرب من التعجب والاستعظام لجدالهم، كأنه خارج عن حد أمثاله من الكبائر
[ كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ] أي كما ختم على قلوب هؤلاء المجادلين، كذلك يختم بالضلال على قلب كل متكبر عن الإيمان، متجبر على العباد، حتى لا يعقل الرشاد، ولا يقبل الحق، وإنما وصف القلب بالتكبر والجبروت، لكونه مركزهما ومنبعهما، وهو سلطان الأعضاء، فمتى فسد فسدت
[ وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا ] أي قال فرعون لوزيره هامان : ابن لي قصرا عاليا، وبناء شامخا منيفا قال القرطبي : لما قال مؤمن آل فرعون ما قال، وخاف فرعون أن يتمكن كلامه في قلوب القوم، أوهم أنه يمتحن ما جاء به موسى من التوحيد، فأمر وزيره هامان ببناء الصرح
[ لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموات ] أي لعلي أصل وأنتهي إلى طرق السموات وما يودي إليها، وكررها للتفخيم والبيان
[ فأطلع إلى إله موسى ] أي فأنظر إلى إله موسى نظر عيان
[ وإني لأظنه كاذبا ] أي وإني لأعتقد موسى كاذبا في ادعائه أن له إلها غيري، قال أبو حيان : وبلوغ أسباب السموات غير ممكن، لكن فرعون أبرزه في صورة الممكن تمويها على سامعيه، ولما قال [ فأطلع إلى إله موسى ] كان ذلك إقرارا بالإله، فلذلك استدرك هذا الإقرار بقوله [ وإني لأظنه كاذبا ]
[ وكذلك زين لفرعون سوء عمله ] أي ومثل ذلك التزيين، زين لفرعون عمله السيىء حتى رآه حسنا
[ وصد عن السبيل ] أي ومنع بضلاله عن طريق الهدى
[ وما كيد فرعون إلا في تباب ] أي وما تدبير فرعون ومكره إلا في خسار وهلاك، خسر ملكه وحياته في الدنيا بالغرق، وفي الآخرة بالخلود في نار الجحيم
[ وقال الذى آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد ] كرر مؤمن آل فرعون نصحه لهم، بعد تلك المراوغة التي لقيها من فرعون، ودعا قومه إلى الإيمان بالله الواحد الأحد، وكشف لهم عن قيمة الحياة الزائلة، وشوقهم إلى نعيم الحياة الباقية، وحذرهم من عذاب الله، ومعنى الآية : امتثلوا يا قوم أمري واسلكوا طريقي، أرشدكم إلى طريق الفوز والنجاة - طريق الجنة -
[ يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع ] أي ليست الدنيا إلا متاعا زائلا، لا ثبات له ولا دوام


الصفحة التالية
Icon