[ وإذ يتحاجون في النار ] أي وأذكر حين يختصم الرؤساء والأتلباع فى نار جهنم
[ فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا ] أي فيقول الأتباع الضعفاء للرؤساء المستكبرين عن الإيمان واتباع الرسل، إنا كنا لكم في الدنيا أتباعا كالخدم، ننقاد لأوامركم، ونطيعكم فيما تدعوننا إليه من الكفر والضلال
[ فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار ] ؟ أي فهل أنتم دافعون عنا جزءا من هذا العذاب الذي نحن فيه ؟ قال الرازي : علموا أن أولئك الرؤساء لا قدرة لهم على ذلك التخفيف، وإنما مقصودهم من هذا الكلام المبالغة في تخجيل الرؤساء، وإيلام قلوبهم، لأنهم سعوا في إيقاعهم في أنواع الضلالات
[ قال الذين استكبروا إنا كل فيها ] أي قال الرؤساء جوابا لهم : إنا جميعا في نار جهنم، فلو قدرنا على إزالة العذاب عنكم، لدفعناه عن أنفسنا
[ أن الله قد حكم بين العباد ] أي قضى قضاء مبرما لا مرد له، بدخول المؤمنين الجنة، والكافرين النار، فلا نستطيع أن نفعل لكم شيئا
[ وقال الذين في النار لخزنة جهنم ] لما يئس أهل النار بعضهم من بعض، إلتجأوا إلى حراس جهنم يطلبون منهم التخفيف قال البيضاوي : وإنما وضع جهنم موضع الضمير [ لخزنة جهنم ] بدلا من " لخزنتها " للتهويل والتفظيع
[ ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ] أي ادعوا لنا الله أن يخفف عنا ولو مقدار يوم واحد من هذا العذاب
[ قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ] ؟ أي أجابتهم الملائكة على سبيل التوبيخ والتقريع : ألم تأتكم الرسل بالمعجزات الظاهرات فكفرتم بهم وكذبتموهم ؟
[ قالوا بلى ] أي قال الكفار بلى جاءونا
[ قالوا فادعوا ] أي قالت لهم الملائكة : فادعوا الله أنتم، فإنا لا نجترىء على ذلك قال الرازي : وليس قولهم [ فادعوا ] لرجاء المنفعة، ولكن للدلالة على الخيبة، فإن الملائكة المقربين، إذا لم يسمع دعاؤهم، فكيف يسمع دعاء الكفار ؟ ثم يصرحون لهم بأنه لا أثر لدعائهم فيقولون
[ وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ] أي دعاؤكم لا ينفع ولا يجدى، لأن دعاء الكافرين ما هو إلا في خسار وتبار
[ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ] أي ننصر الرسل والمؤمنين بالحجة والظفر، والانتقام لهم من الكفرة المجرمين، في هذه الحياة الدنيا
[ ويوم يقوم الأشهاد ] أي وفي الآخرة يوم يحضر الأشهاد الذين يشهدون بأعمال العباد، من ملك، ونبي، ومؤمن، قال الرازي : الآية وعد من الله تعالى لرسوله بأن ينصره على أعدائه في الحياة الدنيا وفي الآخرة
[ يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ] أي لا ينفع المجرمين اعتذارهم قال ابن جرير : لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم، لأنهم لا يعتذرون إلا بباطل
[ ولهم اللعنة ] أي الطرد من رحمة الله
[ ولهم سوء الدار ] أي ولهم جهنم أسوأ مرجع ومصير، قال ابن عباس :[ سوء الدار ] سوء العاقبة
[ ولقد آتينا موسى الهدى ] أي والله لقد أعطينا " موسئ بن عمران " ما يهتدى به في الدين، من المعجزات والصحف والشرائع
[ وأورثنا بني اسرائيل الكتاب ] أي أورثناهم العلم النافع، والكتاب الهادي وهو " التوراة "
[ هدى وذكرى لأولي الألباب ] أي هاديا وتذكرة لأصحاب العقول السليمة
[ فاصبر إن وعد الله حق ] أي فاصبر يا محمد على أذى المشركين، فإن وعد الله لك ولأتباعك بالنصر على الأعداء، حق لا يمكن أن يتخلف، لأن الله لا يخلف الميعاد، قال الإمام الفخر : لما بين تعالى إنه ينصر رسله، وضرب المثال في ذلك بحال موسى، خاطب بعده رسوله بقوله [ فاصبر أن وعد الله حق ] والمراد ان الله ناصرك كما نصرهم، ومنجز وعده لك، كما أنجزه في حقهم