[ واستغفر لذنبك ] اي واطلب المغفرة من ربك على ما فرط منك من ترك الأولى والأفضل، قال الصاوي : والمقصود من هذا الأمر تعليم الأمة ذلك، وإلا فرسول الله (ص) معصوم من الذنوب جميعا، صغائر وكبائر قبل النبؤة وبعدها على التحقيق وقال ابن كثير : وهذا تهييج للأمة على الاستغفار
[ وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار ] أي ودم على تسبيح ربك في المساء والصباح، قال الرازي : والمراد منه الأمر بالمواظبة على ذكر الله، وألأ يفتر اللسان عنه، حتى يصبح فى زمرة الملائكة الأبرار، الذين [ يسبحون الليل والنهار لا يقترون ] والمراد بالتسبيح تنزيه الله عن كل ما لا يليق به، ثم نبه تعالى إلى السبب الدافع للكفار إلى المجادلة بالباطل فقال
[ إن الذين يجادلون في آيات الله ] أي يخاصمون في الآيات المنزلة
[ بغير سلطان أتاهم ] أي بلا برهان ولا حجة من الله
[ إن في صدورهم إلا كبر ] أي ما في قلوبهم إلا تكبر وتعاظم، يمنعهم من اتباعك والانقياد إليك
[ ما هم ببالغيه ] أي ما هم بواصلين إذ مرادهم من إطفاء نور الله، ولا بمؤملين مقصودهم بالعلو عليك
[ فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير ] أي فإلتجىء وتحصن بالله من كيدهم، فإن الله يدفع عنك شرهم، لأنه هو السميع لأقوالهم، العليم بأحوالهم.. ثم ذكر تعالى الدلائل الدالة على قدرته ووحدانيته، فقال سبحانه
[ لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ] اللام لام الإبتداء وفيها معنى القسم أي لخلق الله للسموات والأرض، وإنشاؤهما وابتداعهما من غير شيء، أعظم من خلق البشر، فمن قدر على خلقهما مع عظمهما كيف يعجز عن خلق ما هو أحقر وأهون ؟ قال في التسهيل : والغرض الاستدلال على البعث، لأن الإله الذي خلق السموات والأرض على كبرها، قادر على إعادة الأجسام بعد فنائها
[ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ] أي ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك، لأنهم لا يتأملون في ملكوت السموات والأرض، لغلبة الجهل عليهم، وفرط غفلتهم واتباعهم لأهوائهم
[ وما يستوي الأعمى والبصير ] أي لا يتساوى المؤمن والكافر
[ والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيىء ] أي ولا البر والفاجر
[ قليلا ما تتذكرون ] أي لا تتعظون بهذه الأمثال إلا قليلا قال ابن كثير : والمراد أنه كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا، والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار، والكفرة الفجار، ما أقل ما يتذكر كثير من الناس ؟
[ إن الساعة لآتية لا ريب فيها ] أي إن القيامة آتية لا محالة، لا شك في ذلك ولا مرية
[ ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ] أي ولكن أكثر الناس لا يعتقدون بمجيئها، ولذلك ينكرون البعث والجزاء، قال الرازى : والمراد بأكثر الناس :(الكفار) الذين ينكرون البعث والقيامة
[ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ] أي ادعوني أجبكم فيما طلبتم، وأعطكم ما سألتم، قال ابن كثير : ندب تعالى عباده إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة فضلا منه وكرما (( ذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد بالدعاء العبادة، قال القرطبي والمعنى : وحدوني واعبدوني أتقبل عبادتكم وأغفر لكم.. الخ وما أثبتناه هو اختيار ابن كثير وهو الأظهر وكذلك قال الشهاب ورجحه الرازي )).
[ إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين ] أي إن الذين يتكبرون عن دعاء الله، سيدخلون جهنم أذلاء صاغرين.. ثم ذكر تعالى من آثار قدرته ووحدانيته، ما يلزم منه إفراده بالعبادة والشكر فقال
[ الله الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ] أي الله جل وعلا بقدرته وحكمته هو الذي جعل لكم الليل مظلما، لتستريحوا فيه من تعب وعناء العمل بالنهار، وجعل النهار مضيئا لتتصرفوا فيه بأسباب الرزق وطلب المعاش


الصفحة التالية
Icon