[ إن الله لذو فضل على الناس ] أي إنه تعالى متفضل على العباد، وهو صاحب الجود والإحسان إليهم
[ ولكن أكثر الناس لا يشكرون ] أي ولكن أكثر الناس لا يشكرون الله على إحسانه، ويجحدون فضله وأنعامه
[ ذلكم الله ربكم خالق كل شيىء ] أي ذلكم المتفرد بالخلق والإنعام هو الله ربكم، خالق كل شيء
[ لا اله إلا هو ] اي لا معبود بحق في الوجود سواه
[ فأنى تؤفكون ] أي فكيف تصرفون عن عبادة الخالق المالك، إلى عبادة الأوثان ؟
[ كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون ] أي كذلك يصرف عن الهدى والحق الذين جحدوا بآيات الله وأنكروها قال الصاوي : وهذه تسلية للنبي (ص) والمعنى : لا تحزن يا محمد على إنكار المشركين لنبوتك، فإن من قبلهم فعل ذلك، ثم زاد في البيان ودلائل القدرة فقال
[ الله الذي جعل لكم الأرض قرارا ] أي جعلها مستقرا لكم في حياتكم وبعد مماتكم قال ابن عباس : جعلها منزلا لكم في حال الحياة وبعد الموت
[ والسماء بناء ] أي وجعل السماء سقفا محفوظا، كالقبة المبنية مرفوعة فوقكم
[ وصوركم فأحسن صوركم ] أي صوركم أحسن تصوير، وخلقكم في أحسن الأشكال، متناسبي الأعضاء، ولم يجعلكم كالبهائم منكوسين تمشون على أربع قال الزمخشري : لم يخلق تعالى حيوانا أحسن صورة من الإنسان، وهذه مثل قوله تعالى [ لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم ]
[ ورزقكم من الطيبات ] أي ورزقكم من أنواع اللذائذ
[ ذلكم الله ربكم ] أي ذلكم الفاعل لهذه الأشياء، والمنعم بهذه النعم، هو ربكم لا إله إلا هو
[ فتبارك الله رب العالمين ] أي فتعالى وتمجد وتقدس رب جميع المخلوقات، الذي لا تصلح الربوبية إلا له
[ هو الحى لا إله إلا هو ] أي هو تعالى المتفرد بالحياة الذاتية الحقيقة، الباقي الذي لا يموت، لا إله سواه
[ فادعوه مخلصين له الدين ] أي فاعبدوه وحده، مخلصين له العبادة والطاعة وادعوه ظاهرا وباطنا قائلين
[ الحمد لله رب العالمين ] أي الثناء والشكر لله مالك جميع المخلوقات، لا للأوثان التي لا تملك شيئا! ! ولما بين صفات الجلال والعظمة، نهى عن عبادة غير الله، فقال سبحانه
[ قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله ] أي قل يا محمد إن ربي العظيم الجليل، نهاني أن أعبد هذه الآلهة التي تعبدونها من الأوثان والأصنام، قال الصاوي : أمر تعالى نبيه أن يخاطب قومه بذلك، زجرا لهم، حيث استمروا على عبادة غير الله، بعد ظهور الأدلة العقلية والنقلية،
[ لما جاءني البينات من ربي ] أي حين جاءتني الآيات الواضحات من عنده، الدالة على وحدانيته قال الرازي : والبينات هي أن إله العالم قد ثبت كونه موصوفا بصفات الجلال والعظمة، وصريح العقل يشهد بأن العبادة لا تليق إلا به، وأن جعل الحجارة المنحوتة والأخشاب المصورة، شركاء له في المعبودية، مستنكر في بديهة العقل
[ وأمرت أن أسلم لرب العالمين ] أي وأمرت أن أذل وأخضع لله وحده، وأن أخلص له ديني، وأطهر نفسي من عبادة غيره.
قال الله تعالى :[ هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من عالقة.. ] إلى قوله [ وخسر هنالك الكافرون ]. من آية ( ٦٦ ) إلى آية ( ٨٥) نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لا تزال الآيات الكريمة تتحدث عن دلائل القدرة والوحدانية، فبعد أن ذكر تعالى دلائل القدرة في الآفاق، أردفها بدلائل القدرة في الأنفس، ثم تحدث عن أحوال المشركين يوم القيامة، وختم السورة الكريمة بالوعيد والتهديد لأهل الكفر والضلال.
اللغة :
[ الأغلال ] القيود جمع غل وهو القيد الذي يجمع اليد إلى العنق
[ الحميم ] الماء الحار البالغ نهاية الحرارة
[ يسجرون ] توقد بهم النار يقال : سجر التنور : أوقده
[ تمرحون ] تبطرون وتأشرون
[ مثوى ] مأوى ومكان إقامة، من ثوى بالمكان إذا أقام فيه