[ فبئس مثوى المتكبرين ] أي بئست جهنم مقرا وسكنا للمستكبربن عن آيات الله، المعرضين عن دلائل الإيمان والتوحيد، وإنما قال [ مثوى المتكبرين ] ولم يقل فبئس مدخل المتكبرين وهو مقتضى النظم، لأن الدخول لا يدوم، وإنما يدوم المثوى، ولذا خصه بالذم
[ فاصبر إن وعد الله حق ] أي فاصبر يا محمد على تكذيب قومك لك، فإن وعد الله بتعذيبهم كائن لا محالة قال الصاوي : هذا تسلية من الله لنبيه (ص) ووعد حسن بالنصر له على أعدائه
[ فإما نرينك بعض الذي نعدهم ] أي إن أريناك بعض الذي نعدهم من العذاب، وجواب الشرط محذوف تقديره : فذلك هو المطلوب، أو لتقز به عينك
[ أو نتوفينك فإلينا يرجعون ] أي أو نتوفينك يا محمد قبل إنزال العذاب عليهم، فإلينا مرجعهم يوم القيامة، فننتقم منهم أشد الانتقام، ثم أخبره تعالى بأنباء الرسل تسلية له عليه السلام فقال
[ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك ] أي والله لقد بعثنا رسلا كثيرين قبلك، وأيدناهم بالمعجزات الباهرة، فجادلهم قومهم وكذبوهم، فتأس بهم في الصبر على ما ينالك قال القرطبي : عزاه تعالى بما لقيت الرسل من قبله
[ منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ] أي من هؤلاء الرسل من أخبرناك عن قصصهم مع قومهم، ومنهم من لم نخبرك عن قصصهم وأخبارهم
[ وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله ] أي وما صح ولا استقام لرسول من الرسل، أن يأتي قومه بشيء من المعجزات إلآ بأمر الله، وهذا رد على قريش حيث قالوا للنبي (ص) اجعل لنا الصفا ذهبا وغير ذلك من مقترحاتهم
[ فإذا جاء أمر الله قضي بالحق ] أي فإذا جاء الوقت المسمى لعذابهم أهلكهم الله
[ وخسر هنالك المبطلون ] أي خسر في ذلك الحين المعاندون الذين يجادلون في آيات الله، ويقترحون المعجزات على سبيل التعنت، ثم ذكرهم تعالى بنعمه فقال
[ الله الذى جعل لكم الأنعام ] أي الله جل وعلا الذي لا تصلح الألوهية إلا له، هو الذي سخر لكم هذه الأنعام وهي (الإبل والبقر والغنم ) وخلقها لكم ولمصلحتكم
[ لتركبوا منها، ومنها تأكلون ] أي لتركبوا على ظهور بعض هذه الحيوانات، وتأكلوا من لحومها وألبانها،
[ ولكم فيها منافع ] أي ولكم في هذه الأنعام منافع عديدة فى الوبر والصوف والشعر، واللبن والزبد والسمن
[ ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم ] أي بحمل الأثقال فى الأسفار البعيدة
[ وعليها وعلى الفلك تحملون ] أي وعلى هذه الإبل في البر، وعلى السفن في البحر ئحملون، وإنما قرن بين الإبل والسفن لما بينهما من شدة المناسبة، حتى سميت الإبل سفن البر
[ ويريكم آياته ] أي ويريكم أيها الناس حججه وأدلته على وحدانيته في الآفاق والأنفس
[ فأي آيات الله تنكرون ] توبيخ لهم على إنكارهم لوحدانيته مع ظهور آياته الكثيرة، والمعنى : أى آية من تلك الآيات الباهرة، والدلائل الكثيرة الساطعة، تنكرون مع وضوحها وجلالها وكثرتها ؟ فإن هذه الدلائل لظهورها لا تقبل آلإنكار
[ أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ] الاستفهام إنكاري أي أفلم يسر هؤلاء المشركون في أطراف الأرض ؟ ليعرفوا عاقبة المتكبرين المتمردين، وآثار الأمم السالفة قبلهم ؟ مإذا حل بهم من العذاب والدمار بسبب كفرهم وتكذيبهم ؟
[ كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا فى الأرض ] أي كانوا أكثر عددا من أهل مكة، وأقوى منهم قوة، وآثارهم لا تزال باقية بعدهم، من الأبنية والقصور والمباني الضخمة
[ فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ] أي فلم ينفعهم ما كانوا يكسبونه من الأبنية والأموال شيئا، ولا دفع عنهم شيئا من العذاب
[ فلما جاءتهم رسلهم بالبينات ] أي فلما جاءتهم الرسل بالمعجزات الظاهرات، والآيات الواضحات