سورة فصلت
ممكية نزلت بعد غافر وآياتها أربع وخمسون آية
بين يدي السورة
هذه السورة الكريمة مكية، وهي تتناول جوانب العقيدة الإسلامية (الوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء) وهي الأهداف الأساسية لسائر السور المكية التي تهتم بأركان الإيمان
* ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن القرآن، المنزل من عند الرحمن، بالحجج الواضحة، والبراهين الساطعة، الدالة على صدق محمد عليه الصلاة والسلام، فهو المعجزة الدائمة الخالدة للنبي الكريم.
* وتحدثت السورة عن أمر " الوحي والرسالة " فقررت حقيقة الرسول (ص) وأنه بشر خصه الله تعالى بالوحي، وأكرمه بالنبوة، وإختاره من بين سائر الخلق ليكون داعيا إلى الله، مرشدا إلى دينه المستقيم.
* ثم انتقلت السورة للحديث عن مشهد الخلق الأول للحياة، خلق السموات والأرض، بذلك الشكل الدقيق المحكم، الذي يلفت أنظار المعرضين عن آيات الله، للنظر والتفكر والتدبر، ولكن ظلمات الكفر هي التي تحول بينهم وبين الإيمان، فالكون كله ناطق بعظمة الله، شاهد بوحدانيته جل وعلا.
* وعرضت السورة للتذكير بمصارع المكذبين، وضربت على ذلك الأمثلة بأقوى الأمم وأعتاها، قوم " عاد " الذين بلغ من جبروتهم أن يقولوا [ من أشد منا قوة ] ؟ وذكرت ما حل بهم وبثمود من الدمار الشامل، والهلاك المبين، حين تمادوا في الطغيان وكذبوا رسل الله.
* وبعد الحديث عن المجرمين يأتي الحديث عن المؤمنين المتقين، الذين استقاموا على شريعة الله ودينه، فأكرمهم الله بالأمن والأمان في دار الجنان، مع النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين.
* ثم تحدثت السورة عن الآيات الكونية المعروضة للأنظار، في هذا الكون الفسيح، الزاخر بالحكم والعجائب، وموقف الملحدين بآيات الله، المتعامين عن كل تلك الآيات الظاهرة الباهرة.
* وختمت السورة بوعد الله للبشرية، بأن يطلعهم على بعض أسرار هذا الكون في آخر الزمان، ليستدلوا على صدق ما أخبر عنه القرآن [ سنريهم آياتنا في الآفاق، وفي أنفسهم، حتى يتبين لهم أنه الحق، أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ].
التسمية :
سميت " سورة فصلت " لأن الله تعالى فصل فيها الآيات، ووضح فيها الدلائل على قدرته ووحدانيته، وأقام البراهين القاطعة على وجوده وعظمته، وخلقه لهذا الكون البديع، الذي ينطق بجلال الله وعظيم سلطانه ! !
قال الله تعالى :[ حم. تنزيل من الرحمن الرحيم. كتاب فصلت آياته.. ] إلى قوله [ ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ].
اللغة :
[ فصلت ] بينت ووضحت
[ أكنة ] جمع كنان وهو الغطاء
[ وقر ] صمم وثقل يمنع سماع الكلام
[ ممنون ] مقطوع من مننت الحبل إذا قطعته، قال الشاعر : إني لعمرك ما بابي بذي غلق على الصديق ولا خيري بممنون
[ صرصر ] الصرصر : الريح الباردة العاصفة مع الصوت الشديد
[ نحسات ] مشئومات من النحس بمعنى الشؤم وهو ضد السعد، قال الشاعر : سواء عليه أي حين أتيته أساعة نحس تتقى أم بأسعد
[ أخزى ] أشد إهانة وإذلالا من الخزي بمعنى الإهانة
[ الهون ] الإهانة والذل.
التفسير :
[ حم ] الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن
[ تنزيل من الرحمن الرحيم ] أي هذا القرآن المجيد منزل من الرحمن الرحيم، أنزله جل وعلا رحمة بعباده، وإنما خص هذين الإسمين [ الرحمن الرحيم ] إشارة إلى أن نزوله من أكبر النعم، ولا شك أن القرآن نعمة باقية إلى يوم القيامة
[ كتاب فصلت آياته ] أي كتاب جامع للمصالح الدينية والدنيوية، بينت معانيه، ووضحت أحكامه، بطريق القصص والمواعظ، والأحكام والأمثال، في غاية البيان والكمال
[ قرآنا عربيا ] أي في حال كونه قرآنا عربيا، واضحا جليا نزل بلسان العرب