[ وقالوا من أشد منا قوة ] ؟ أي وقالوا اغترارا بقوتهم لما خوفوا بالعذاب : لا أحد أقوى منا فنحن نستطيع أن ندفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوتنا قال ابو السعود : كانوا ذوي أجسام طوال، وخلق عظيم، وقد بلغ من قوتهم أن الرجل كان ينزع الصخرة من الجبل فيقتلعها بيده
[ أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ] جملة إعتراضية للتعجيب من مقالتهم الشنيعة، والمعنى : أغفلوا عن قدرة الله ولم يعلموا أن الله العظيم الجليل، الذي خلقهم وخلق الكائنات، هو أعظم منهم قوة وقدرة ؟
[ وكانوا بآياتنا يجحدون ] أي وكانوا بمعجزاتنا يجحدون قال الرازى : إنهم كانوا يعرفون أنها حق ولكنهم جحدوا كما يجحد المودع الوديعة
[ فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا ] أي فأرسلنا على (عاد) ريحا باردة شديدة البرد، وشديدة الصوت والهبوب، تهلك بشدة صوتها وبردها
[ في أيام نحسات ] أى في أيام مشئومات غير مباركات
[ لنذيقهم عذاب الخزى في الحياة الدنيا ] أي لكي نذيقهم العذاب المخزي المذل في الدنيا، قال الرازى :[ عذاب الخزي ] أي عذاب الهوان والذل، والسبب أنهم استكبروا عن الإيمان، فقابل الله ذلك الإستكبار بإيصال الذل والهوان إليهم
[ ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون ] أي ولعذابهم في الآخرة، أعظم وأشد إهانة وخزيا من عذاب الدنيا، وليس لهم ناصر يدفع عنهم ذلك العذاب
[ وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ] أى وأما ثمود فبينا لهم طريق الهدى، ودللناهم على سبيل السعادة، فاختاروا الضلالة على الهداية، والكفر على الإيمان
[ فأخذتهم صاعقة العذاب الهون ] أي فأخذتهم قارعة العذاب، الموقع لهم في الإهانة والذل
[ بما كانوا يكسبون ] أي بسبب إجرامهم وطغيانهم، وتكذيبهم لنبي الله " صالح " عليه السلام، قال ابن كثير : بعث الله عليهم صيحة ورجفة، وذلا وهوانا، وعذابا ونكالا، بتكذيبهم صالح وعقرهم الناقة
[ ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ] أى ونجينا صالحا ومن آمن به من ذلك العذاب، بسبب إيمانهم وتقواهم لله عز وجل.
قال الله تعالى :[ ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون.. ] إلى قوله [ يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون ]. من آية (١٩ ) إلى نهاية آية (٣٨).
المناسبة :
لما ذكر تعالى قصة عاد وثمود، وما أصابهم من العقوبة في الدنيا بطغيانهم وإجرامهم، ذكر هنا ما يصيب الكفار عامة في الآخرة من العذاب والدمار، ليحصل منه تمام الإعتبار، في الزجر والتحذير عن إرتكاب المعاصي والكفر بنعم الله.
اللغة :
[ يوزعون ] يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا
[ تستترون ] تستخفون، من الإستتار بمعنى الإختفاء عن الأعين
[ أرداكم ] أهلككم وأوقعكم في المهالك
[ يستعتبوا ] يطلبوا رضاء الله
[ المعتبين ] جمع معتب وهو المقبول عتابه قال النابغة : فإن أك مظلوما فعبد ظلمته وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب
[ قيضنا ] هيأنا
[ نزلا ] ضيافة وكرامة
[ يسأمون ] يملون.
سبب النزول :
عن ابن مسعود قال : اجتمع عند البيت ثلاثة نفر : قرشيان وثقفي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال أحدهم : أترون أن الله يسمع ما نقول ؟ فقال أحدهم : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا، وقال الآخر : إن كان يسمع إن جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله عز وجل [ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم.. ] الآية.
التفسير :
[ ويوم يحشر أعداء الله إلى النار ] أي واذكر يوم يجمع أعداء الله المجرمون، في أرض المحشر، لسوقهم إلى النار
[ فهم يوزعون ] أي يحبس أولهم على آخرهم، ليتلاحقوا ويجتمعوا قال ابن كثير : تجمع الزبانية أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا
[ حتى إذا ما جاءوها ] أي حتى إذا وقفوا للحساب


الصفحة التالية
Icon