[ إليه يرد علم الساعة ] أي إليه تعالى وحده علم وقت الساعة لا يعلمه غيره قال الإمام الفخر : أي لا يعلم وقت الساعة بعينه إلا الله، ومناسبتها لما قبلها أنه تعالى لما هدد الكفار بقوله [ من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ] ومعناه أن جزاء كل أحد يصل إليه في يوم القيامة، فكأن سائلا قال : ومتى يكون ذلك اليوم ؟ فبين تعالى أن معرفة ذلك اليوم لا يعلمه إلا الله
[ وما تخرج من ثمرات من أكمامها ] أي وما تخرج ثمرة من الثمرات من غلافها ووعائها
[ وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ] أي ولا تحمل أنثى جنينا في بطنها ولا تلده إلا ملتبسا بعلمه تعالى، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء
[ ويوم يناديهم أين شركائي ] ؟ أي ويوم القيامة ينادي الله المشركين أي شركائى الذين زعمتم أنهم آلهة ؟ وفيه تقريع وتهكم بهم
[ قالوا آذناك ما منا من شهيد ] أي قال المشركون : أعلمناك وأخبرناك الآن بالحقيقة، ما منا من يشهد اليوم بأن لك شريكا قال المفسرون : لما عاينوا القيامة تبرءوا من الأصنام، وتبرأت الأصنام منهم، وأعلنوا إيمانهم وتوحيدهم في وقت لا ينفع فيه إيمان
[ وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل ] أي وغاب عنهم ما كانوا يعبدونه في الدنيا، من الآلهة المزعومة
[ وظنوا ما لهم من محيص ] أي وأيقنوا أنه لا مهرب ولا مخلص لهم من عذاب الله
[ لا يسأم الإنسان من دعاء الخير ] أي لا يمل الإنسان من سؤاله ودعائه بالخير لنفسه، كالمال والصحة والعز والسلطان
[ وإن مسه الشر فيئوس قنوط ] أي وإن أصابه فقر أو مرض فهو عظيم اليأس، قانط من روح الله ورحمته
[ ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ] أي ولئن أعطيناه غنى وصحة، من بعد شدة وبلاء
[ ليقولن هذا لي ] أي ليقولن هذا بسعيي وإجتهادي قال أبو حيان : سمى النعمة رحمة إذ هي من آثار رحمة الله
[ وما أظن الساعة قائمة ] أي وما أعتقد أن القيامة ستكون
[ ولئن رجعت إلى ربى إن لي عنده للحسنى ] أي وعلى فرض أن القيامة حاصلة، فليحسنن إليى ربي كما أحسن إلى في هذه الدنيا قال ابن كثير : يتمنى على الله عز وجل مع إساءته العمل وعدم اليقين
[ فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ] أي فوالله لنعلمن هؤلاء الكافرين بحقيقة أعمالهم، ولنبصرنهم بإجرامهم
[ ولنذيقنهم من عذاب غليظ ] أي ولنعذبنهم أشد العذاب، وهو الخلود في نار جهنم
[ وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه ] أي وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض عن شكر ربه، وإستكبر عن الإنقياد لأوامره، وشمخ بأنفه تكبرا وترفعا
[ وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ] أي وإذا أصابه المكروه فهو ذو دعاء كثير، يديم التضرع ويكثر من الإبتهال، وهكذا طبيعة الإنسان الجحود والنكران، يعرف ربه في البلاء، وينساه في الرخاء قال الرازي : استعير العرض لكثرة الدعاء، كما استعير الغلظ لشدة العذاب
[ قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به ] أي قل لهم يا أيها الرسول : أخبروني يا معشر المشركين، إن كان هذا القرآن من عند الله، وكفرتم به، من غير تأمل ولا نظر، كيف يكون حالكم ؟
[ من أضل ممن هو في شقاق بعيد ] الإستفهام إنكاري بمعنى النفي أي لا أحد أضل منكم لفرط شقاقكم وعداوتكم، قال ابو السعود : وضع الموصول " من أضل " موضع الضمير " منكم " شرحا لحالهم، وتعليلا لمزيد ضلالهم
[ سنريهم آياتنا ] أي سنظهر لهؤلاء المشركين دلالاتنا وحججنا الواضحة القاطعة، على أن القرآن حق منزل من عند الرحمن
[ في الآفاق ] أى في أقطار السموات والأرض، من الشمس والقمر والنجوم، والأشجار والنبات، وغير ذلك من العجائب العلوية والسفلية