٧ - الالتفات من الغيبة إلى التكلم [ وأنزلنا من السماء ] بعد قوله :[ خلق، وألفى، وبث ] وكلها بضمير الغائب، ثم التفت فقال :[ وأنزلنا ] تعظيما لشأن الرحمن، وتوفية لمقام الامتنان، وهذا من المحسنات البديعية.
٨ - إطلاق المصدر على اسم المفعول مبالغة [ هذا خلق الله ] أى مخلوقه.
٩ - الاستفهام للتوبيخ والتبكيت [ ماذا خلق الذين من دونه ] ؟
١٠ - وضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التوبيخ، وللتسجيل عليهم بغاية الظلم والجهل [ بل الظالمون في ضلال مبين ] وكان الأصل أن يقال : بل هم في ضلال مبين.
١١ - مراعاة الفواصل في الحرف الأخير مثل [ عذاب أليم، جنات النعيم، زوج كريم، الكتاب الحكيم ] ويسمى هذا النوع في علم البديع " سجعا " وأفضله ما تساوت فقره، وكان سليما من التكلف، خاليا من التكرار، وهو كثير فى القرآن الكريم في نهاية الآيات الكريمة.
فائدة :
وصف الكتاب بالحكمة في هذه السورة [ الكتاب الحكيم ] مناسب لجو السورة الكريمة، لأن موضوع (الحكمة) قد تكرر فيها [ ولقد آتينا لقمان الحكمة ] فناسب أن يختار هذا الوصف من أوصاف الكتاب المجيد، على طريقة القرآن فى التنسيق بين الألفاظ والمواضيع.
قال الله تعالى :[ ولقد آتينا لقمان الحكمة.. ] إلى قوله [ إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ] من آية (١٢ ) إلى نهاية آية (١٩ ).
المناسبة :
لما بين تعالى فساد اعتقاد المشركين، بسبب عنادهم لاشراكهم من لا يخلق شيئا، بمن هو خالق لكل شيء، ذكر هنا وصايا " لقمان الحكيم "، وهي وصايا ثمينة في غاية الحكمة، والدعوة إلى طريق الرشاد، وقد جاءت هذه الوصايا مبدوءة بالتحذير من الشرك الذي هو أقبح الذنوب، وأعظم الجرائم عند الله.
اللغة :
[ الحكمة ] الإصابة في القول والعمل، وأصلها وضع الشيء في موضعه، قال فى اللسان : أحكم الأمر أتقنه ويقال للرجل إذا كان حكيما : قد أحكمته التجارب، والحكيم : المتقن للأمور
[ يعظه ] ينصحه ويذكره، والعظة والموعظة : النصح والإرشاد
[ وهنا ] الوهن : الضعف ومنه
[ وهن العظم مني ] أى ضعف
[ فصاله ] الفصال : الفطام وهو لفظ يستعمل فى الرضاع خاصة، وأما الفصل فهو أعم، وفصلت المرأة ولدها أى فطمته وتركت إرضاعه
[ أناب ] رجع، والمنيب الراجع إلى ربه بالتوبة والاستغفار
[ تصعر ] الصعر : بفتحتين فى الأصل داء يصيب البعير فيلوي منه عنقه، ثم استعمل في ميل العنق كبرا وافتخارا، قال عمرو التغلبي : وكنا إذا الجبار صعرخده أقمنا له من ميله فتقوما
[ مرحا ] فرحا وبطرا وخيلاء
[ مختال ] متبختر في مشيته
[ اقصد ] توسط، والقصد : التوسط بين الإسراع والبطء
[ اغضض ] غضض الصوت خفضه، قال جرير : فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا
التفسير :
[ ولقد آتينا لقمان الحكمة ] أى والله لقد أعطينا لقمان الحكمة وهي الإصابة في القول، والسداد في الرأي، والنطق بما يوافق الحق، قال مجاهد : الحكمة : الفقه والعقل، والإصابة فى القول، ولم يكن نبيا إنما كان حكيما
[ أن أشكر لله ] أى وقلنا له : أشكر الله على إنعامه وإفضاله عليك، حيث خصك بالحكمة، وجعلها على لسانك، قال القرطبي : والصحيح الذي عليه الجمهور أن " لقمان " كان حكيما ولم يكن نبيا، وقد ورد في الحديث :(لم يكن لقمان نبيا، ولكن كان عبدا كثير التفكر، حسن اليقين، أحب الله تعالى فأحبه، فمن عليه بالحكمة
[ ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ] أى ومن يشكر ربه، فثواب شكره راجع لنفسه، وفائدته تعود عليه، لأن الله تعالى لا ينفعه شكر من شكر، ولا يضره كفر من كفر، ولهذا قال بعده :