[ لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ] أي لنا جزاء أعمالنا، ولكم جزاء أعمالكم، من خير أو شر، لا نستفيد من حسناتكم، ولا نتضرر من سيئاتكم قال ابن كثير : هذا تبرؤ منهم أي نحن براء منكم، كقوله تعالى :[ وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم، أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ]
[ لا حجة بيننا وبينكم ] أي لا جدال ولا مناظرة بيننا وبينكم، فإن الحق قد ظهر وبان، كالشمس في رابعة النهار، وأنتم تعاندون وتكابرون
[ الله يجمع بيننا وإليه المصير ] أي الله يجمع بيننا يوم القيامة لفصل القضاء، وإليه المرجع والمآب، فيجازي كل أحد بعمله، من خير وشر قال الصاوي : والغرض أن الحق قد ظهر، والحجج قد قامت، فلم يبق إلا العناد، وبعد العناد لا حجة ولا جدل، والله يفصل بين الخلائق يوم المعاد، ويجازي كلا بعمله
[ والذين يحاجون في الله ] أي يخاصمون في دينه لصد الناس عن الإيمان
[ من بعد ما استجيب له ] أي من بعد ما استجاب الناس له، ودخلوا في دينه
[ حجتهم داحضة عند ربهم ] أي حجتهم باطلة لا ثبوت لها عند الله، قال ابن عباس : نزلت في طائفة من " بني إسرائيل " همت برد الناس عن الإسلام وإضلالهم، ومحاجتهم بالباطل
[ وعليهم غضب ولهم عذاب شديد ] أي وعليهم غضب عظيم في الدنيا، وعذاب شديد في الآخرة
[ الله الذى أنزل الكتاب بالحق ] أي نزل القرآن وسائر الكتب الإلهية، بالصدق القاطع، والحق الساطع، في أحكامه وتشريعاته وأخباره
[ والميزان ] أي ونزل الميزان أي العدل والإنصاف، قال ابن عباس قال المفسرون : وسمي العدل ميزانا لأن الميزان يحصل به العدل والإنصاف، فهو من تسمية الشيء باسم السبب
[ وما يدريك لعل الساعة قريب ] أي وما ينبئك أيها المخاطب لعل وقت الساعة قريب ؟ فإن الواجب على العاقل ان يحذر منها، ويستعذ لها، قال أبو حيان : ووجه اتصال الآية بما سبق، أن الساعة يوم الحساب فكأنه قيل : أمركم الله بالعدل والتسوية، قبل أن يفاجئكم اليوم الذي يحاسبكم الله فيه ويزن أعمالكم
[ يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ] أي يستعجل بالقيامة المشركون الذين لا يصدقون بها، فيقولون على سبيل الاستهزاء : متى تكون ؟
[ والذين آمنوا مشفقون منها ] أي والمؤمنون المصدقون بها خائفون وجلون من قيامها
[ ويعلمون أنها الحق ] أي ويعلمون أنها كائنة وحاصلة لا محالة
[ إلا ان الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد ] أي إن الذين يجادلون في أمر القيامة، لفى ضلال بعيد عن الحق، لإغراقهم في الفجور والعناد، لإنكارهم عدل الله وحكمته ! !
قال الله تعالى :[ الله لطيف بعباده يرزق من يشاء.. ] إلى قوله [ وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير ]. من آية (١٩) إلى نهاية آية (٣١).
المناسبة :
لما ذكر تعالى الساعة وما يلقاه عند قيامها المؤمنون الأبرار والكفرة الفجار من الحساب والجزاء، ذكر هنا انه لطيف بالعباد لا يعاجل العقوبة للعصاة مع استحقاقهم للعذاب، ثم ذكر مآل المتقين، ومآل المجرمين في الآخرة، دار العدل والجزاء.
اللغة :
[ لطيف ] بر رفيق رحيم
[ حرث الآخرة ] الحرث في الأصل : إلقاء البذور في الأرض، ويطلق على الزرع الحاصل منه، ثم استعمل في ثمرات الأعمال ونتائجها، بطريق الاستعارة
[ الفضل ] القضاء السابق
[ يقترف ] يكتسب
[ روضات ] جمع روضة وهو الموضع الكثير الأزهار والأشجار والثمار، كالمنتزه وغيره
[ يقترف ] يكتسب
[ الغيث ] المطر سمي غيثا لأنه يغيث الخلق
[ قنطوا ] يئسوا
[ بث ] فرق ونشر
[ معجزين ] فائتين من عذاب الله بالهرب.
التفسير :
[ الله لطيف بعباده ] أي بار رحيم بالخلق، كثير الإحسان بهم، يفيض عليهم من الخيرات والبركات مع عصيانهم، قال مقاتل : لطيف بالبر والفاجر، حيث لم يهلكهم جوعا بمعاصيهم


الصفحة التالية
Icon