[ قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ] أي قل لهم يا محمد : أنا لا أسألكم على تبليغ الرسالة شيئا من الأجر والمال، إلا أن تحفظوا حق القربى ولا تؤذوني، حتى أبلغ رسالة ربي قال ابن كثير : أي لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح مالا، وإنما أطلب أن تذروني حتى أبلغ رسالات ربي، فلا تؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة قال آبن عباس : يقول إلا أن تصلوآ ما بيني وبينكم من القرابة، وتوذوني في نفسي لقرابتى منكم
[ ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ] أي ومن يكتسب ويفعل طاعة من الطاعات نضاعف له ثوابها
[ إن الله غفور شكور ] أي غفور للذنوب شاكر الإحسان المحسن، لا يضيع عنده عمل العامل، ولهذا ينفر الكثير من السيئات، ويكثر القليل من الحسنات
[ أم يقولون افترى على الله كذبا ] ؟ أي هل يقول كفار قريش، أن محمدا اختلق الكذب على الله، بنسبة القرآن إليه ؟ قال أبو حيان : وهذا استفهام انكار وتوبيخ للمشركين على هذه المقالة، أي مثله لا ينسب إلى الكذب على الله، مع اعترافكم له من قبل بالصدق والأمانة
[ فإن يشإ الله يختم على قلبك ] أي لو افتريت على الله الكذب، كما يزعم هؤلاء المجرمون، لختم على قلبك فأنساك هذا القرآن، وسلبه من صدرك، ولكنك لم تفتر على الله كذبا، ولهذا أيدك وسددك قال ابن كثير : وهذه كقوله جل وعلا [ ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ] وقال أبو السعود : والآية استشهاد على بطلان ما قالوا، ببيان أنه عليه السلام لو افترى على الله تعالى، لمنعه من ذلك قطع، بالختم على قلبه بحيث لا يخطر بباله معنى من معانيه، ولم ينطق بحرف من حروفه
[ ويمح الله الباطل ] أي يزيل الله الباطل بالكلية
[ ويحق الحق بكلماته ] أي ويثبت الله الحق ويوضحه بكلامه المنزل، وقضائه المبرم وقال ابن كثير : بكلماته أي بحججه وبراهينه
[ إنه عليم بذات الصدور ] أي عالم بما في القلوب، يعلم ما تكنه الضمائر، وتنطوي عليه السرائر، وقال القرطبي : والمراد أنك لو حدثت نفسك أن تفتري الكذب، لعلمه الله وطبع علئ قلبك
[ وهو الذي يقبل التوية عن عباده ] هذا امتنان من الرحمن على العباد، أي هو جل وعلا بفضله وكرمه يتقبل التوبة من عباده، إذا أقلعوا عن المعاصي، وأنابوا بصدق وإخلاص نية
[ ويعفوا عن السيئات ] أي يصفح عن الذنوب صغيرها وكبيرها لمن يشاء
[ ويعلم ما تفعلون ] أي يعلم جميع ما تصنعون من خير أو شر
[ ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ] أي ويستجيب الله دعاء المؤمنين الصالحين، قال الرازي : أي ويستجيب الله للمؤمنين، إلا إنه حذف اللام كما حذف في قوله [ واذا كالوهم ] أي كالوا لهم
[ ويزيدهم من فضله ] أي ويزيدهم من جوده وكرمه فوق ما سألوا واستحقوا، لأنه الجواد الكريم، البر الرحيم
[ والكافرون لهم عذاب شديد ] أي وأما الكافرون بالله، فلهم العذاب الموجع الأليم، في دار الجحيم
[ ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ] أي ولو وسع الله الرزق على عباده، لطغوا وبغوا وأفسدوا في الأرض، بالمعاصى والآثام، لأن الغنى يوجب الطغيان، قال ابن كثير : أي لو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق لحملهم ذلك على البغي والطغيان من بعضهم على بعض، أشرا وبطرا، وقال قتادة : خير العيش ما لا يلهيك ولا يطغيك
[ ولكن ينزل بقدر ما يشاء ] أي ولكنه تعالى ينزل أرزاق العباد، بما تقتضيه الحكمة والمصلحة، كما جاء فى الحديث القدسي (إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه )
[ إنه بعباده خبير بصير ] أي عالم بأحوالهم وما يصلحهم، فيعطي ويمنع، ويبسط ويقبض، حسبما تقتضيه الحكمة الربانية