[ وجزاء سيئة سيئة مثلها ] أى وجزاء العدوان أن ينتصر ممن ظلمه، من غير أن يعتدي عليه بالزيادة قال الإمام الفخر : لما قال تعالى [ والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون ] أردفه بما يدل على أن ذلك الانتصار، يجب أن يكون مقيدا بالمثل دون زيادة وإنما سمى ذلك سيئة، لأنها تسوء من تنزل به
[ فمن عفى وأصلح فأجره على الله ] أى فمن عفا عن الظالم، وأصلح بينه وبين عدوه، فإن الله يثيبه على ذلك الأجر الجزيل قال ابن كثير : شرع تعالى العدل وهو القصاص، وندب الى الفضل وهو العفو، فمن عفا فإن الله لا يضيع له ذلك، كما جاء في الحديث (وما زاد الله تعالى عبدا بعفو إلا عزا)
[ إنه لا يحب الظالمين ] أي إنه جل وعلا يبغض البادئين بالظلم، والمعتدين في الانتقام
[ ولمن انتصر بعد ظلمه ] أى انتصر ممن ظلمه دون عدوان
[ فأولئك ما عليهم من سبيل ] أي فليس عليهم عقوبة ولا مؤاخذة لأنهم أتوا بما أبيح لهم من الانتصار
[ إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ] أى إنما العقوبة والمؤاخذة على المعتدين الذين يظلمون الناس بعدوانهم
[ ويبغون في الأرض بغير الحق ] أي ويتكبرون في الأرض تجبرا وفسادا، بالمعاصي والاعتداء على الناس، في النفوس والأموال
[ أولئك لهم عذاب أليم ] أى أولئك الظالمون الباغون، لهم عذاب مؤلم موجع، بسبب ظلمهم وبغيهم
[ ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ] أى ولمن صبر على الأذى وترك الانتصار لوجه الله تعالى، فإن ذلك الصبر والتجاوز من الأمور الحميدة التي أمر الله بها وأكد عليها قال الصاوي : كرر الصبر اهتماما به وترغيبا فيه وللإشارة إلى أانه محمود العاقبة
[ ومن يضلل الله فما له من ولى من بعده ] اي ومن يضلله الله فليس له ناصر، ولا هاد يهديه إلى الحق
[ وترى الظالمين لما رأوا العذاب ] أى وترى الكافرين حين شاهدوا عذاب جهنم
[ يقولون هل إلى مرد من سبيل ] أي يطلبون الرجوع إلى الدنيا لهول ما يشاهدون من العذاب، يقولون : هل هناك طريق لعودتنا إلى الدنيا ؟ قال القرطبي : يطلبون ان يردوا إلى الدنيا ليعملوا بطاعة الله عز وجل فلا يجابون
[ وتراهم يعرضون عليها ] أي وتراهم أيها المخاطب يعرضون على النار
[ خاشعين من الذل ] أي متضائلين صاغرين مما يلحقهم من الذل والهوان
[ ينظرون من طرف خفي ] أي يسارقون النظر خوفا منها وفزعا، كما ينظر من قدم ليقتل بالسيف، فإنه لا يقدر أن ينظر إليه بملء عينه قال ابن عباس : ينظرون بطرف ذابل ذليل، وقال قتادة والسدي : يسارقون النظر من شدة الخوف
[ وقال الذين آمنوا أن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ] أي يقول المؤمنون في الجنة، لما عاينوا ما حل بالكفار : إن الخسران في الحقيقة ما صار إليه هؤلاء، فإنهم خسروا أنفسهم وآهليهم، بخلودهم في نار جهنم
[ ألا أن الظالمين في عذاب مقيم ] أي ألا إنهم في عذاب دائم لا ينقطع
[ وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ] أي وما كان لهم من أعوان ونصراء، ينصرونهم من عذاب الله، كما كانوا يرجون ذلك في الدنيا
[ ومن يضلل الله فما له من سبيل ] أي ومن يضلله الله، فليس له طريق يصل به إلى الحق في الدنيا، وإلى الجنة في آلاخرة، لأنه قد سدت عليه طريق النجاة قال ابن كثير : من يضلله الله فليس له خلاص
[ استجيبوا لربكم ] أي استجيبوا ايها الناس إلى ما دعاكم إليه ربكم من الإيمان والطاعة
[ من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ] أي من قبل أن يأتي ذلك اليوم الرهيب، الذي لا يقدر أحد على رده، لأنه ليس له دافع ولا مانع
[ ما لكم من ملجأ يومئذ ] أي ليس لكم مفر تلتجئون إليه في ذلك اليوم