[ وما لكم من نكير ] أي وليس لكم منكر ينكر ما ينزل بكم من العذاب وقال أبو السعود : أي ما لكم انكار لما اقترفتموه، لأنه مدون في صحائف أعمالكم، وتشهد عليه جوارحكم
[ فإن أعرضوا ] أي فإن أعرض المشركون عن الإيمان، ولم يقبلوا هداية الرحمن
[ فما أرسلناك عليهم حفيظا ] أي فما أرسلناك يا محمد رقيبا على اعمالهم، ولا محاسبا لهم
[ إن عليك إلا البلاغ ] أي ما عليك إلا أن تبلغهم رسالة ربك وقد فعلت قال أبو حيان : والآية تسلية للرسول (ص) وتأنيس له، وإزالة لهمه بهم.. ثم أخبر تعالى أن طبيعة الإنسان الكفران لنعم الله، فقال سبحانه
[ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها ] أراد بالإنسان الجنس، بدليل قوله [ وإن تصبهم ] والمعنى : إنا إذا أكرمنا الإنسان بنعمة من النعم، من صحة وغنى، وأمن وراحة، وغيرها بطر وتكبر
[ وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور ] أي وإن أصاب الناس جدب ونقمة، وبلاء وشدة، بسبب ما اقترفوه من آاثام، فإن آلإنسان مبالغ في الجحود والكفران، ينسى النعمة ويذكر البلية قال الصاوي : والحكمة في تصدير النعمة ب " إذا " والبلاء ب " إن " الإشارة إلى أن النعمة محققة الحصول، بخلاف البلاء، لأن رحمة الله تغلب غضبه وقال الإمام الفخر : نعم الله في الدنيا وإن كانت عظيمة، إلا إنها بالنسبة إلى سعادة الآخرة، كالقطرة بالنسبة إلى البحر، فلذلك سماها ذوقا، فبين تعالى أن الإنسان إذا فاز بهذا القدر الحقير في الدنيا، فإنه يفرح بها ويعظم غروره بسببها، ويقع في العجب والكبر، ويظن إنه فاز بكل المنى، وذلك لجهله بحال الدنيا وبحال الآخرة
[ لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء ] أي هو تعالى المالك للكون كله، علويه وسفليه، والمتصرف فيه بالخلق والإيجاد، كيفما شاء، والمقصود من الآية أن لا يغتر الإنسان، بما يملكه من المال والجاه، وأن يعلم أن الكل ملك الله وحده، وبيده مقاليد التصرف في السموات والأرض، يعطي ويمنع، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه
[ يهب لمن يشاء إناثا ] آي يخص من شاء من عباده بالإناث دون البنين
[ ويهب لمن يشاء الذكور ] أي ويخص من شاء بالذكور دون الإناث
[ أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ] أي يجعلهم إن شاء من النوعين، فيجمع للإنسان بين البنين والبنات
[ ويجعل من يشاء عقيما ] أي ويجعل بعض الرجال عقيما فلا يولد له، وبعض النساء عقيما فلا تلد قال البيضاوي : والمعنئ يجعل أحوال العباد في الأولاد مختلفة، على مقتضى المشيئة، فيهب لبعض إما صنفا واحدا من ذكر أو أنثى، أو الصنفين جميعا، ويعقم أخرين، والمراد من الآية بيان نفاذ قدرته تعالى في الكائنات كيف يشاء، ولهذا قال
[ إنه عليم قدير ] أي مبالغ في العلم والقدرة، يفعل ما فيه مصلحة وحكمة قال ابن كثير : جعل تعالى الناس أربعة أقسام : منهم من يعطيه (البنات) ومنهم من يعطيه (البنين) ومنهم من يعطيه النوعين (الذكور والإناث) ومنهم من يمنعه هذا وهذا فيجعله عقيما، لا نسل له ولا ولد، فسبحان العليم القدير.. ثم ذكر تعالى الوحي وأقسامه وأنواعه فقال
[ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ] أي وما صح لأحد من البشر ايا كان، أن يكلمه الله إلا بطريق الوحي في المنام أو بالإلهام، لأن رؤيا الانبياء حق، كما وقع للخليل إبراهيم عليه السلام [ إني أرى في المنام أني أذبحك ]
[ أو من وراء حجاب ] أي أو يكلمه من وراء حجاب كما كلم موسى عليه السلام