[ والذى نزل من السماء ماء بقدر ] أى نزل بقدرته الماء من السماء، بمقدار ووزن معلوم، بحسب الحاجة والكفاية قال البيضاوي : أى بمقدار ينفع ولا يضر
[ فأنشرنا به بلدا ميتا ] أى فأحيينا به أرضأ ميتة مثمرة من النبات
[ كذلك تخرجون ] أى كذلك نخرجكم من قبوركم، كما نخرج النبات من الأرض الميتة
[ والذى خلق الأزواج كلها ] أى خلق جميع الأصناف من الحيوان والنبات وغير ذلك قال ابن عباس :" الأزواج " الأصناف والأنواع كلها كالحلو والحامض، والأبيض والأسود، والذكر والأنثى
[ وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون ] أى وسخر لكم من السفن في البحر، والإبل في البر ما تركبونه في أسفاركم قال ابن كثير : أى ذللها وسخرها ويسرها لكم، لتأكلوا لحومها، وتركبوا ظهورها
[ لتستووا على ظهوره ] أى لتستقروا على ظهور هذا المركوب، سفينة كانت أو جملا
[ ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه ] أى وتذكروا نعمة ربكم الجليلة عليكم حين تستقرون فوقها، فتشكروه بقلوبكم
[ وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا ] أى وتقولوا بألسنتكم عند ركوبكم : سبحان الله الذى ذلل ويسر لنا ركوب هذا المركوب
[ وما كنا له مقرنين ] أى وما كنا قادرين ولا مطيقين لركوبه، لولا تسخيره تعالى لنا
[ وإنا إلى ربنا لمنقلبون ] أى وإنا إلى ربنا لراجعون، وصائرون إليه بعد الموت قال في حاشية البيضاوي : وليس المراد من ذكر النعمة تصورها لأخطارها في البال، بل المراد تذكر أنها نعمة حاصلة بتدبير القادر العليم الحكيم، مستدعية لطاعته وشكره، فإن من يتفكر في أن ما يركبه الإنسان من الفلك والأنعام، أكثر قوة، وكبر جثة من راكبه، ومع ذلك كان مسخرا لراكبه، يتمكن من تصريفه إلى أى جانب شاء، وتفكر أيضا في خلق البحر والريح، وفي كونهما مسخرين للإنسان مع ما فيهما من المهابة والأهوال، استغرق في معرفة عظمة الله تعالى وكبريائه، وكمال قدرته وحكمته، فيحمله ذلك الاستغراق على أن يقول متعجبا من عظمة الله [ سبحان الذين سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ].. ولما ذكر تعالى اعتراف المشركين، بأن خالق السموات والأرض، هو الله رب العالمين، ذكر بعده ما يدل على سفههم وجهلهم في عبادة غير الله، فقال سبحانه
[ وجعلوا له من عباده جزءا ] أى جعل المشركون لله ولدا، حيث قالوا : الملائكة بنات الله
[ إن الإنسان لكفور مبين ] أى أن القائل لهذا الزور والبهتان، لمبالغ في الكفر، عظيم الجحود والطغيان قال البيضاوي : أى ظاهر الكفران، وإن نسبة الولد إليه تعالى، من فرط الجهل به، والتحقير لشأنه
[ أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ] إنكار وتعجب من حالهم أى هل اتخذ تعالى لنفسه البنات، وخصكم واختار لكم البنين ؟ قال ابن كثير : وهذا إنكار عليهم غاية الإنكار، ثم ذكر تعالى تمام التوبيخ والإنكار، فقال
[ وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ] أى وإذا بشر أحد المشركين بالأنثى، التي جعلها مثلا لله بنسبة البنات له
[ ظل وجهه مسودا وهو كظيم ] أى صار وجهه كأنه أسود من الكآبة والحزن، وهو ممتلىء فى غيظا وغما، من سوء ما بشر به قال الإمام الفخر : والمقصود من الآية التنبيه على قلة عقولهم، وسخافة تفكيرهم، فإن الذي بلغ حاله في النقص إلى هذا الحد، كيف يجوز للعاقل إثباته لله تعالى ؟ وقد روي عن بعض العرب أن امرأته وضعت انثى فهجر البيت الذي فيه المرأة
[ أومن ينشأ في الحلية ] أى أيجعلون لله من يربى في الزينة وينشأ ويكبر عليها ومن الإناث ؟


الصفحة التالية
Icon