[ الذين آمنوا بآياننا وكانوا مسلمين ] أى هم الذين صدقوا بالقرآن، واستسلموا لحكم الرحمن، وانقادوا لطاعته
[ ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ] أى يقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم ونساؤكم المؤمنات، تنعمون فيها وتسرون سرورا يظهر أثره على وجوهكم
[ يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب ] أى يطاف على أهل الجنة بأكواب من الذهب فيها الطعام، وأقداح من ذهب فيها الشراب قال المفسرون : آنية أهل الجنة التي يأكلون فيها الطعام، والكؤوس التي يشربون فيها الشراب، كلها من ذهب وفضة، كما قال تعالى
[ ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب ] وفي الحديث " لا تلبسوآ الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة "
[ وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ] أى وفي الجنة ما تشتهيه النفوس، من أنواع اللذائذ والمشتهيات، وتسر به الأعين من فنون المناظر الجميلة، والمشاهد اللطيفة
[ وأنتم فيها خالدون ] أى وأنتم في الجنة باقون دائمون، لا تخرجون منها أبدا قال أبو السعود : وهذا إتمام للنعمة وإكمال للسرور، فإن كل نعيم زائل، موجب لخوف الزوال.. لما ذكر الجنة وأنها موضع الحبور، ذكر ما فيها من النعم، فذكر أولا المطاعم، ثم ذكر المشارب، ثم بعد ذلك التفصيل ذكر بيانا كليا بقوله [ وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ] ثم ذكر تمام النعمة بالخلود في دار النعيم، وهذا حصر لأنواع النعم، لأئها إما مشتهاة في القلوب، أو مستلذة في العيون
[ وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ] أى وتلك الجنة الموصوفة بتلك الأوصاف الجليلة، أعطيتموها بسبب أعمالكم الصالحة التي قدمتموها في الدنيا قال ابن كثير : أى أعمالكم الصالحة كانت سببا لشمول رحمة الله إياكم، فإنه لا يدخل أحد الجنة بعمله، ولكن برحمة الله وفضله، وإنما الدرجات ينال تفاوتها بحسب الأعمال الصالحات وفى الحديث (ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، الكافر يرث المؤمن منزله في النار، والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنة، وذلك قوله تعالى [ وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ]
[ لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون ] أى لكم في الجنة من أنواع الفواكه والثمار الشيء الكثير- سوى الطعام والشراب - من هذه الفواكه تأكلون تفكها وتلذذا قال المفسرون : يأكل أهل الجنة من بعض الثمار، وأما الباقي فعلى الأشجار على الدوام، لا ترى فيها شجرة تخلو من ثمرها لحظة، فهي مزينة بالثمار أبدا، لأن كل ما يؤكل يخلف بدله، وفي الحديث " لا ينزع رجل في الجنة من ثمرة إلا نبت مثلها مكانها " ولما ذكر حال السعداء الأبرار، أعقبه بذكر حال الأشقياء الفجار، فقال سبحانه
[ إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون ] أى إن الكافرين الراسخين في الإجرام، في العذاب الشديد في جهنم، دائمون فيها أبدا قال الصاوي : والمراد بالمجرمين الكفار لأنهم ذكروا في مقابلة المؤمنين
[ لا يفترعنهم ] أى لا يخفف عنهم العذاب لحظة
[ وهم فيه مبلسون ] أى وهم في ذلك العذاب يائسون من كل خير، يائسون من النجاة
[ وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ] أى وما ظلمناهم بعقابنا لهم، ولكن كانوا هم الظالمين، لتعريضهم أنفسهم للعذاب الخالد
[ ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك ] أى ونادى الكفار مالكا خازن النار قائلين : ليمتنا الله حتى نستريح من العذاب قال ابن كثبر : أى ليقبض أرواحنا فيريحنا مما نحن فيه قال ابن عباس : فلم يجبهم إلا بعد ألف سنة
[ قال آنكم ماكثون ] أى أجابهم إنكم مقيمون في العذاب أبدا، لا خلاص لكم منه بموت ولا بغيره


الصفحة التالية
Icon