[ حم ] الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن وقد تقدم
[ والكتاب المبين ] أي أقسم بالقرآن البين الواضح، إلىارق بين طريق الهدى والضلال، البين في إعجازه، الواضح في احكامه، وجوابه
[ إنا أنزلناه في ليلة مباركة ] أي أنزلنا القرآن في ليلة فاضلة كريمة، هي " ليلة القدر " من شهر رمضان المبارك [ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ] قال ابن جزي : وكيفية إنزاله فيها إنه أنزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل به جبريل على النبي (ص) شيئا بعد شيء، وقيل : المعنى ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر، قال القرطبي : ووصف الليلة بالبركة، لما ينزل الله فيها على عباده من البركات والخيرات والثواب
[ إنا كنا منذرين ] أي لننذر به الخلق، لأن من شأننا وعادتنا ألا نترك الناس دون إنذار، وتحذير من العقاب، لتقوم الحجة عليهم
[ فيها يفرق كل أمر حكيم ] أي في ليلة القدر يفصل ويبين كل أمر محكم، من أرزاق العباد وآجالهم، وسائر أحوالهم، فلا يبدل ولا يغير قال ابن عباس : يحكم الله أمر الدنيا إلى السنة القابلة ما كان من حياة، أو موت، أو رزق قال المفسرون : إن الله تعالى ينسخ من اللوح المحفوظ في ليلة القدر، ما يكون في تلك السنة من أرزاق العباد، وآجالهم، وجميع أمورهم من خير وشر، وصالح وطالح، حتى أن الرجل ليمشي في الأسواق، وينكح ويولد له، وقد وقع اسمه في الموتى
[ أمرا من عندنا ] أي جميع ما نقدره في تلك الليلة وما نوحي به إلى الملائكة من شئون العباد، هو أمر حاصل من جهتنا، بعلمنا وتدبيرنا
[ إنا كنا مرسلين ] أي نرسل الأنبياء إلى البشر، بالشرائع الإلهية لهدايتهم وإرشادهم
[ رحمة من ربك ] أي من أجل الرأفة والرحمة بالعباد قال في البحر : وضع الظاهر [ ربك ] موضع الضمير " رحمة منا " إيذانا بأن الربوبية تقتضي الرحمة على المربوبين
[ إنه هو السميع العليم ] أي السميع لأقوال العباد، العليم بأفعالهم وأحوالهم
[ رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ] أي الذي أنزل القرآن هو رب السموات الأرض، وخالقهما ومالكهما ومن فيهما، إن كنتم من أهل الإيمان واليقين
[ لا إله إلا هو يحيي ويميت ] أي لا رب غيره ولا معبود بحق سواه، لأنه المتصف بصفات الجلال والكمال، يحي الأموات، ويميت الأحياء
[ ربكم ورب أبائكم الأولين ] أي هو خالقكم وخالق من سبقكم من الأمم الماضين قال الرازي : والمقصود من الآية أن المنزل إذا كان موصوفا بهذه الجلالة والكبرياء، كان المنزل - الذي هو القرآن - في غاية الشرف والرفعة
[ بل هم في شك يلعبون ] أي ليسوا موقنين فيما يظهرونه من الإيمان، في قولهم : الله خالقنا، بل هم في شك من أمر البعث، فهم يلعبون ويسخرون ويهزءون قال شيخ زاده : التفت من الخطاب للغيبة فقال [ بل هم في شك يلعبون ] تحقيرا لشأنهم، وإبعادا لهم عن موقف الخطاب، لكونهم من أهل الشك والإمتراء، وكون أفعالهم الهزء واللعب، لعدم التفاتهم إلى البراهين القاطعة، وعدم تمييزهم بين الحق والباطل، والضار والنافع، ثم لما بين أن شأنهم الحماقة والطغيان، التفت إلى حبيبه (ص) تسلية له، وإقناطا من إيمانهم فقال