[ من ورائهم جهنم ] أي أمامهم جهنم تنتظرهم، لما كانوا عليه من التعزز في الدنيا والتكبر عن الحق
[ ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ] أي لا ينفعهم ما ملكوه في الدنيا من المال والولد
[ ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ] أي ولا تنفعهم الأصنام التي عبدوها من دون الله
[ ولهم عذاب عظيم ] أي ولهم عذاب دائم مؤلم قال أبو السعود : وتوسيط النفى [ ولا ما اتخذوآ ] مع أن عدم إغناء الأصنام، أظهر وأجلى من عدم إغناء الأموال والأولاد، مبنى على زعمهم الفاسد، حيث كانوا يطمعون في شفاعتهم، وفيه تهكم بهم )
[ هذا هدى ] أي هذا القرآن كامل في الهداية، لمن آمن به واتبعه
[ والذين كفروا بآيات ربهم ] أي جحدوا بالقرآن مع سطوعه، وفيه زيادة تشنيع على كفرهم به، وتفظيع حالهم
[ لهم عذاب من رجز أليم ] أي لهم عذاب من أشد أنواع العذاب، مؤلم موجع قال الزمخشري : والرجز أشد العذاب والمراد ب [ آيات ربهم ] القرآن.. ثم لما توعدهم بأنواع العذاب، ذكرهم تعالى بنعمه الجليلة ليشكروه ويوخدوه، فقال سبحانه
[ الله الذي سخر لكم البحر ] أي الله تعالى بقدرته وحكمته هو الذي ذلل لكم البحر على ضخامته وعظمه
[ لتجري الفلك فيه بأمره ] أي لتسير السفن على سطحه بمشيئته وإرادته، دون أن تغوص في أعماقه قال الإمام الفخر : خلق وجه الماء على الملاسة التي تجري عليها السفن، وخلق الخشبة على وجيما تبقى طافية على وجه الماء، دون أن تغوص فيه، وذلك لا يقدر عليه أحد إلا الله
[ ولتبتغوا من فضله ] أي ولتطلبوا من فضل الله بسبب التجارة، والغوص على اللؤلؤ والمرجان، وصيد الأسماك وغيرها
[ ولعلكم تشكرون ] أي ولأجل أن تشكروا ربكم على ما أنعم به عليكم وتفضل قال القرطبي : ذكر تعالى كمال قدرته، وتمام نعمته على عباده، وبين أنه خلق ما خلق لمنافعهم، وكل ذلك من فعله وخلقه، إحسان عليهم منه وإنعام ؟
[ وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ] أي وخلق لكم كل ما في هذا الكون، من كواكب، وجبال، وبحار، وأنهار، ونبات، وأشجار، الجميع من فضله وإحسانه وامتنانه، من عنده وحده جل وعلا
[ إن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون ] أي إن فيما ذكر لعبرا وعظات لقوم يتأملون في بدائع صنع الله، فيستدلون على قدرته ووحدانيته ويؤمنون به جل وعلا.. ثم لما بين تعالى دلائل التوحيد والقدرة والحكمة، أردفه بتعليم فضائل الأخلاق، ومحاسن الأفعال، فقال سبحانه
[ قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ] أي قل يا محمد للمؤمنين : يصفحوا عن الكفار، ويتجاوزوا عما يصدر عنهم من الأذى، والأقعال الموحشة قال مقاتل : شتم رجل من الكفار عمر بمكة، فهم أن يبطش به، فأمره الله بالعفو والتجاوز وأنزل هذه الآية، والمراد من قوله [ لا يرجون أيام الله ] أي لا يخافون بأس الله وعقابه، لأنهم لا يؤمنون بالآخرة ولا بلقاء الله قال ابن كثير : أمر المسلمون أن يصبروا على أذى المشركين وأهل الكتاب، ليكون ذلك تأليفا لهم، ثم لما اصروا على العناد، شرع الله للمؤمنين الجلاد والجهاد
[ ليجزي قوما بما كانوا يكسبون ] وعيد وتهديد أي ليجازي الكفرة المجرمين بما اقترفوه من الإثم والإجرام، والتنكير للتحقير
[ من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ] أى من فعل خيرا في الدنيا فنفعه لنفسه، ومن ارتكب سوءا وشرا فضرره عائد عليها، ولا يكاد يسري عمل إلى غير عامله
[ ثم إلى ربكم ترجعون ] أي ثم مرجعكم يوم القيامة إلى الله وحده، فيجازي كلا بعمله، المحسن بإحسانه، والمسىء بإساءته.. ولما ذكر بالنعم العامة أردفه بذكر النعم الخاصة على بنى إسرائيل، فقال سبحانه


الصفحة التالية
Icon