[ وإلى الله عاقبة الأمور ] أى إلى الله وحده - لا إلى أحد سواه - مرجع ومصير الأمور كلها، فيجازي العامل عليها أحسن الجزاء
[ ومن كفر فلا يحزنك كفره ] تسلية للرسول (ص) أى لا يهمنك يا محمد كفر من كفر، ولا ضلال من ضل، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات، فإنا سننتقم منهم إن عاجلا أو أجلا
[ إلينا مرجعهم فننبئهم بماعملوا ] أى إلينا رجوعهم، فنخبرهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا
[ إن الله عليم بذات الصدور ] أى عليم بما في قلوبهم من المكر، والكفر، والتكذيب، فيجازيهم عليها
[ نمتعهم قليلا ] أى نبقيهم في الدنيا مدة قليلة يتمتعون بها
[ ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ] أى لم نلجئهم في الآخرة إلى عذاب شديد، هو عذاب النار، الفظيع الشاق على النفس.. ثم لما بين تعالى استحقاقهم للعذاب، بين تناقضهم في الدنيا، وهو اعترافهم بأن الله خلق السموات والأرض، ومع هذا يعبدون معه شركاء، يعترفون أنها ملك له، وأنها مخلوقاته، فقال سبحانه :
[ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ] أى ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين من كفار مكة : من خلق السموات والأرض ؟ ليقولن - لغاية وضوح الأمر - الله خلقهن، فقد اضطروا إلى الاعتراف به
[ قل الحمد لله ] أى قل لهم : الحمد لله على ظهور الحجة عليكم، وعلى أن دلائل الإيمان ظاهرة للعيان
[ بل أكثرهم لا يعلمون ] أى بل أكثر هؤلاء المشركين، لا يفكرون ولا يتدبرون، فلذلك لا يعلمون، ثم قال تعالى :
[ لله ما في السموات والأرض ] أى له جل وعلا ما في الكائنات ملك وخلق وتدبير
[ إن الله هو الغني الحميد ] أى المستغني عن خلقه وعن عبادتهم، المحمود في صنعه وآلائه
[ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ] أى ولو أن جميع أشجار الأرض جعلت أقلاما
[ والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ] أى وجعل البحر بسعته، حبرا ومدادا، وأمده سبعة أبحر معه، فكتبت بها كلمات الله، الدالة على عظمته وصفاته وجلاله
[ ما نفدت كلمات الله ] أى لانتهت وقيت تلك الأقلام والبحار، وما انتهت كلمات الله، لأن الأشجار والبحار متناهية، وكلمات الله غير متناهية، قال القرطبي : لما ذكر تعالى أنه سخر لهم ما في السموات وما في الأرض، وأنه أسبغ النعم، نبه على أن الأشجار لو كانت أقلاما، والبحار لو كانت مدادا، فكتب بها عجائب صنع الله، الدالة على قدرته ووحدانيته، لم تنفد تلك العجائب وقال ابن الجوزي : وفي الكلام محذوف تقديره : فكتب بهذه الأقلام وهذه البحور كلمات الله، لتكسرت الأقلام، ونفدت البحور، ولم تنفد كلمات الله أى لم تنقطع
[ إن الله عزيز حكيم ] أى غالب لا يعجزه شيء، حكيم لا يخرج عن علمه وحكمته أمر
[ ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ] أى ما خلقكم أيها الناس ابتداء، ولا بعثكم بعد الموت انتهاء، إلا كخلق نفس واحدة وبعثها، لأنه إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، قال الصاوي : المعنى ان الله لا يصعب عليه شيء، بل خلق العالم وبعثه برمته، كخلق نفس واحدة وبعثها
[ إن الله سميع بصير ] أى سميع لأقوال العباد، بصير بأعمالهم، ثم أشار تعالى إلى دلائل قدرته فى الأفاق فقال :
[ ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ] أى ألم تعلم أيها المخاطب علما قويا، جاريا مجرى الرؤية، ان الله العظيم الجليل، يدخل ظلمة الليل على ضوء النهار، ويدخل ضوء النهار على ظلمة الليل، ويزيد فى هذا وينقص من هذا حسب الحكمة الأزلية
[ وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى ] أى ذللهما بالطلوع والأفول، تقديرا للآجال، وإتماما للمنافع، كل منهما يسير في فلكه، إلى غاية محدودة هي يوم القيامة


الصفحة التالية
Icon