[ وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا ] أي وقال المشركون : لا حياة إلا هذه الحياة الدنيا، يموت بعضنا ويحيا بعضنا، ولا آخرة، ولا بعث، ولا نشور قال ابن كثير : هذا قول الدهرية من الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب في إنكار المعاد، ومرادهم ما ثم إلا هذه الدار، يموت قوم ويعيش آخرون، وليس هناك معاد ولا قيامة، وهذا قول الفلاسفة الدهريين، المنكرين للصانع، المعتقدين أن كل ستة وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه
[ وما يهلكنا إلا الدهر ] أي وما يهلكنا إلا مرور الزمان، وتعاقب الأيام قال الرازي : يريدون أن الموجب للحياة والموت تأثيرات الطبائع وحركات الأفلاك، ولا حاجة إلى إثبات الخالق المختار، فهذه الطائفة جمعوا بين إنكار الإله، وبين إنكار البعث والقيامة، قال تعالى ردا عليهم
[ وما لهم بذلك من علم ] أي وليس لهم مستند من عقل او نقل، ولذلك أنكروا وجود الله من غير حجة ولا بينة
[ إن هم إلا يظنون ] أي ما هم إلا قوم يتوهمون ويتخيلون، يتكلمون بالظن من غير يقين
[ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ] أي وإذا قرئت آيات القرآن على المشركين، واضحات الدلالة على البعث والنشور
[ ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين ] أي ما كان متمسكهم في دفع الحق الصريح، إلا أن يقولوا : أحيوا لنا آباءنا الأولين، إن كان ما تقولونه حقا، سمي قولهم الباطل (حجة) على سبيل التهكم
[ قل الله يحييكم ثم يميتكم ] آي قل لهم يا محمد : الله الذي خلقكم ابتداء حين كنتم نطفا هو الذي يميتكم عند انقضاء آجالكم، لا كما زعمتم إنكم تحيون وتموتون بحكم الدهر
[ ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ] أي ثم بعد الموت يبعثكم للحساب والجزاء، كما أحياكم في الدنيا، فإن من قدر على البدء يقدر على الإعادة، والحكمة اقتضت الجمع للجزاء في يوم القيامة، الذي لا شك فيه ولا ارتياب
[ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ] أي ولكن اكثر الناس لجهلهم وقصورهم في النظر والتفكر، لا يعلمون قدرة الله فينكرون البعث والجزاء.. ثم بيم إمكان الحشر والنشر، وذكر تفاصيل آحوال يوم القيامة فقال سبحانه
[ ولله ملك السموات والأرض ] أي هو جل وعلا المالك لجميع الكائنات العلوية والسفلية
[ ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون ] أي ويوم القيامة يخسر الكافرون الجاحدون بآيات الله
[ وترى كل أمة جاثية ] أي وترى أيها المخاطب كل أمة من الأمم، جالسة على الركب من شدة الهول والفزع، كما يجثو الخصوم بين يدي الحاكم، بهيئة الخائف الذليل قال ابن كثير : وهذا إذا جيء بجهنم فإنها تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا على ركبتيه
[ كل أمة تدعى إلى كتابها ] اي كل أمة من تلك الأمم، تدعى إلى صحاف أعمالها