[ اليوم تجزون ما كنتم تعملون ] أي يقال لهم : في هذا اليوم الرهيب تنالون جزاء أعمالكم، وكتابكم يشهد عليكم بالحق من غير زيادة ولا نقصان قال في التسهيل : فإن قيل : كيف أضاف الكتاب تارة إليهم وتارة إلى الله تعالى ؟ فالجواب أنه أضافه إليهم لأن أعمالهم ثابتة فيه، وأضافه إلى الله تعالى، لأنه مالكه وأنه هو الذي امر الملائكة أن يكتبوا [ إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ] أي كنا نأمر الملائكة بكتابة أعمالكم، وإثباتها عليكم قال المفسرون : تنسخ هنا بمعنى تكتب، وحقيقة النسخ هو النقل من أصل إلى آخر، قال ابن عباس : تكتب الملائكة أعمال العباد، ثم تصعد بها إلى السماء، فيقابل الملائكة الموكلون بديوان الأعمال ما كتبه الحفظة، مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر، مما كتبه الله في القدم على العباد قبل أن يخلقهم، فلا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا، فذلك هو الاستنساخ، وكان ابن عباس يقول : ألستم عربا، هل يكون الاستنساخ إلا من أصل ؟ ثم بيبن تعالىك أحوال كل من المطيعين والعاصين فقال
[ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ] أي فأما المؤمنون الصالحون، المتقون لله في الحياة الدنيا، فيدخلهم الله في الجنة، سميت الجنة رحمة لأنها مكان تنزل رحمة الله
[ ذلك هو الفوز المبين ] أي ذلك هو الفوز العظيم، البين الظاهر الذي لا فوز وراءه
[ وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتى تتلى عليكم ] أي وأما الكافرون فيقال لهم توبيخا وتقريعا : أفلم تكن الرسل تتلو عليكم آيات الله ؟
[ فاستكبرتم وكنتم قوم مجرمين ] أي فتكبرتم عن الإيمان بها، وأعرضتم عن سماعها، وكنتم قوما مغرقين في الإجرام
[ وإذا قيل إن وعد الله حق ] أي وإذا قيل لكم إن البعث كائن لا محالة
[ والساعة لا ريب فيها ] أي والقيامة آتية لا شك في ذلك ولا ريب
[ قلتم ما ندري ما الساعة ] أي قلتم لغاية عتوكم : أي شيء هي ؟ أحق أم باطل ؟ قال البيبضاوي : قالوا هذا استغرابا واستبعادا وإنكارا لها
[ إن نظن إلا ظنا ] أي لا نصدق بها، ولكن نسمع الناس يقولون : إن هناك آخرة فنتوهم بها توهما
[ وما نحن بمستيقنين ] أي ولسنا مصدقين بالآخرة يقينا، يقولون : وهذا تأكيد منهم لإنكار القيامة
[ وبدا لهم سيئات ما عملوا ] أي وظهر لهم في الآخرة قبائح أعمالهم
[ وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون ] أي ونزل وأحاط بهم العذاب الذي كانوا يستهزءون به في الدنيا
[ وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ] أي ويقال لهم : اليوم نترككم في العذاب ونعاملكم معاملة الناسى، كما تركتم الطاعة التي هي الزاد ليوم المعاد، فلم تعملوا لآخرتكم
[ ومأواكم النار ] أي ومستقركم في نار جهنم
[ وما لكم من ناصرين ] أي وليس لكم من ينصركم ويخلصكم من عذاب الله
[ ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا ] أي إنما جازيناكم هذا الجزاء، بسبب أنكم سخرتم من كلام الله واستهزأتم به
[ وغرتكم الحياة الدنيا ] أي خدعتكم الدنيا بزخارفها وأباطيلها، حتى ظننتم الأ حياة سواها، وألأ بعث ولا نشور
[ فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون ] أي فاليوم لا يخرجون من النار، ولا يطلب منهم أن يرضوا ربهم بالتوبة والطاعة لعدم نفعها يومئذ
[ فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين ] أي فلله الحمد خاصة لا يستحق الحمد أحد سواه، لأنه الخالق والمالك لجميع المخلوقات والكائنات
[ وله الكبرياء في السموات والأرض ] أي وله العظمة والجلال، والبقاء والكمال في السموات والأرض
[ وهو العزيز الحكيم ] أي الغالب الذي لا يغلب، الحكيم في صنعه وفعله وتدبيره.
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :