[ ولا هم يحزنون ] أي ولا هم يحزنون على ما خلفوا في الدنيا
[ أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها ] أي أولئك المؤمنون المستقيمون في دينهم، هم أهل الجنة ماكثين فيها أبدا
[ جزاء بما كانوا يعملون ] أي نالوا ذلك النعيم جزاء لهم على أعمالهم الصالحة
[ ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ] لما كان رضا الله في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما، حث تعالى العباد عليه، والمعنى : أمرنا الإنسان أمرا جازما مؤكدا، بالإحسان إلى الوالدين، ثم بين السبب فقال
[ حملته أمه كرها ووضعته كرها ] أي حملته بكره ومشقة، ووضعته بكره ومشقة
[ وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ] أي ومدة حمله ورضاعه عامان ونصف، فهي لا تزال تعاني التعب والمشقة طيلة هذه المدة قال ابن كثير : أي قاست بسببه في حال حمله مشقة وتعبا، من وحم، وغثيان، وثقل، وكرب إلى غير ذلك مما تنال الحوامل من التعب والمشقة، ووضعته بمشقة ايضا من الطلق وشدته، وقد استدل العلماء بهذه الآية مع التى في لقمان [ وفصاله في عامين ] على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وهو استنباط قوي صحيح
[ حتى إذا بلغ أشده ] أي حتى إذا عاش هذا الطفل وبلغ كمال قوته وعقله
[ وبلغ أربعين سنة ] أي استمر في الشباب والقوة حتى بلغ اربعين سنة، وهو نهاية اكتمال العقل والرشد (( قال العلماء : ولذلك لم يبعث نبى قبل الأربعين من العمر )).
[ قال ربى أوزعني أن أشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى والدى ] أي قال رب ألهمني شكر نعمتك، التي أنعمت بها على وعلى والدي حتى ربياني صغيرا
[ وأن أعمل صالحا ترضاه ] أي ووفقني لكي أعمل عملا صالحا يرضيك عني
[ وأصلح لي في ذريتي ] أي اجعل في ذريتي ونسلي أناسا صالحين قال شيخ زاده : طلب هذا الداعي من الله ثلاثة أشياء : الأول : أن يوفقه الله للشكر على النعمة والثانى : أن يوفقه للإتيان بالطاعة المرضية عند الله والثالث : أن يصلح له في ذريته، وهذه كمال السعادة البشرية
[ إني تبت إليك وإني من المسلمين ] أي إني يا رب تبت إليك من جميع الذنوب، وإني من المستمسكين بالإسلام قال ابن كثير : وفي الآية إرشاد لمن بلغ الأربعين من العمر، أن يجدد التوبة والإنابة إلى الله عز وجل ويعزم عليها،
[ أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ] أي أولئك الموصوفون بما ذكر نتقبل منهم طاعاتهم ونجازيهم على أعمالهم بأفضلها
[ ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة ] أي ونصفح عن خطيئاتهم وزلاتهم، في جملة أصحاب الجنة الذين نكرمهم بالعفو والغفران
[ وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ] أي بذلك الوعد الصادق الذي وعدناهم به، على ألسنة الرسل الكرام، بأن نتقبل من محسنهم ونتجاوز عن مسيئهم.. ولما مثل تعالى لحال الإنسان البار بوالديه، وما يئول إليه حاله من الخير والسعادة، مثل لحال الإنسان العاق لوالديه، وما يئول إليه أمره من الشقاوة والتعاسة، فقال سبحانه
[ والذي قال لوالديه أف لكما ] أي وأما الولد الفاجر الذي يقول لوالديه إذا دعواه إلى الإيمان : أف لكما أي قبحا لكما على هذه الدعوة
[ أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي ] ؟ أي أتعدانني أن أبعث بعد الموت، وقد مضت قرون من الناس قبلي، ولم يبعث منهم أحد ؟
[ وهما يستغيثان الله ويلك آمن ] أي وأبواه يسألان الله أن يغيثه ويهديه للإسلام، قائلهين له : ويلك آمن بالله وصدق بالبعث والنشور، وإلا هلكت
[ إن وعد الله حق ] أي وعد الله صدق لا خلف فيه
[ فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين ] أي فيقول ذلك الشقي : ما هذا الذي تقولان من أمر البعث، إلا خرافات وأباطيل السابقين، سطرها الأولون في الكتب مما لا أصل له، قال تعالى


الصفحة التالية
Icon