[ وذلك إفكهم وما كانوا يفترون ] أي وذلك الذي أصابهم هو كذبهم وافتراؤهم على الله، حيث زعموا أن الأصنام شركاء لله وشفعاء لهم عند الله
[ وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن ] أي واذكر يا أيها الرسول حين وجهنا إليك وبعثنا جماعة من الجن ليستمعوا القرآن قال البيضاوى : والنفر دون العشرة، روي أنهم وافوا رسول الله (ص) بوادي النخلة عند منصرفه من الطائف يقرأ في تهجده القرآن
[ فلما حضروه قالوا أنصتوا ] أي فلما حضروا القرآن عند تلاوته، قال بعضهم لبعض : اسكتوا لإستماع القرآن قال القرطبي : هذا توبيخ لمشركي قريش، أي إن الجن سمعوا القرآن فآمنوا به، وعلموا أنه من عند الله، وأنتم معرضون مصرون على الكفر
[ فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ] أي فلما فرغ من قراءة القرآن، رجعوا إلى قومهم مخوفين لهم من عذاب الله، إن لم يؤمنوا قال الرازى : وذلك لا يكون إلا بعد إيمانهم، لأنهم لا يدعون غيرهم إلى استماع القرآن والتصديق به إلا وقد آمنوا
[ قالوآ يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى ] أي سمعنا كتابا رائعا مجيدا، منزلا على رسول من بعد موسى قال ابن عباس : إن الجن لم تكن قد سمعت بأمر عيسى عليه السلام (( أقول : إنما لم يذكروا رسالة عيسى عليه السلام، لأنه جاء متمما لرسالة موسى، فألتوراة هي الأصل في شريعة بني إسرائيل، كما قال تعالى ﴿وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد.. ﴾ الآية )).
[ مصدقا لما بين يديه ] أي مصدقا لما قبله من التوراة
[ يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ] أي هذا القرآن يرشد إلى الحق المبين، وإلى دين الله القويم
[ يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ] أي أجيبوا محمدا (ص) فيما يدعوكم إليه من الإيمان، وصدقوا برسالته
[ يغفر لكم من ذنوبكم ] أي يمحو الله عنكم الذنوب والآثام
[ ويجركم من عذاب أليم ] أي ويخلصكم وينجيكم من عذاب شديد مؤلم
[ ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ] هذا ترهيب بعد الترغيب أي ومن لم يؤمن بالله ويستجب لدعوة رسوله، فإنه لا يفوت الله طلبا، ولا يعجزه هربا
[ وليس له من دونه أولياء ] أي وليس له أنصار يمنعونه من عذاب الله
[ أولئك في ضلال مبين ] أي أولئك الذين لا يستجيبون لدعوة الله، في خسران واضح !!وإلى هنا آخر كلام الجن الذين سمعوا القرآن، ثم ذكر تعالى الأدلة على قدرته ووحدانيته، فقال سبحانه
[ ألم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ] أي أولم يعلم هؤلاء الكفار المنكرون للبعث والنشور أن الله العظيم القدير، الذي خلق السموات والأرض ابتداء، من غير مثال سابق
[ ولم يعى بخلقهن ] أي ولم يضعف ولم يتعب بخلقهن
[ بقادر على أن يحيى الموتى ] ؟ أي قادر على أن يعيد الموتى بعد الفناء، ويحييهم بعد تمزق الأشلاء ؟
[ بلى إنه على كل شيء قدير ] أي بلى إنه تعالى قادر لا يعجزه شيء، فكما خلقهم يعيدهم
[ ويوم يعرض الذين كفروا على النار ] أي واذكر يا محمد لهؤلاء المشركين، الأهوال والشدائد التي يرونها في الآخرة، وذكرهم يوم يعرضون على النار فيقال لهم
[ أليس هذا بالحق ] ؟ أي أليس هذا العذاب الذي تذوقونه حق ؟ [ أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ]
[ قالوا بلى وربنا ] أي قالوا : بلى وعزة ربنا، أكدوا كلامهم بالقسم طمعا في الخلاص قال الفخر الرازي : والمقصود بالآية التهكم بهم، والتوبيخ على استهزائهم بوعد الله ووعيده، وقولهم :[ وما نحن بمعذبين ]
[ قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ] أي فيقال لهم : ذوقوا العذاب الأليم بسبب كفركم